العالم بروح العابد
أ.د أحمد جبّار
تاريخ العلوم منصّة الحضارة.
الاسم: أحمد
اللقب: جبار
تاريخ ومكان الميلاد: 02 أوت 1941م، عين الدفلى.
‹‹إذا جالسته لا تحسّ بأنّكـ في حضرة وزير أو باحث في أعلى منصب في الجامعة... تواضعه يعمُّ الجميع وفكاهته حاضرة في كلّ المجالس››.
النشأة والدراسة:
ليست مدينة عين الدّفلة الأكبر بين المدن الجزائريّة، ولكنّها واحدةٌ من بين الأجمل... قد لا يبدو لزائرِها سِحرُها لأوّل وهلة، ولكن مع مرور الأيّام يكتشفه رويداً رويداً، فإنّ لظلال جبال الظّهرة وزكّار وسهول الشّلف جماليّة تأخذ باللّب والقلب.
وبين تلال هذه المدينة وجبالها وسهولها، وبالتّحديد في حيّ شعبي في وسط المدينة، وفي الثّاني من شهر أوت من سنة 1941م، سعدت عائلة "جبّار" بازدياد ولدها البكر "أحمد". نشأ وسط عائلةٍ فقيرة، ورث عنها الصّلابة وقوّة العزيمة في الحياة. كان جدّه لأمّه ينتمي إلى نخبة علماء الشريعة قبل أن يُعَيّن مفتيًا في مدينة تنس العريقة، في ولاية الشلف حالياً.
ومع اقتراب نهاية الحرب العالميّة الثّانية، رحلت عائلة أحمد إلى مدينة "واد العلايق" (ولاية البليدة)، التي لم تلبث بها إلَّا يسيرًا، لتغادر بعدها إلى مدينة "بوسماعيل" (ولاية تيبازة)، وصار أبوه إماماً ومدرّساً للقرآن في مُصلّى متواضع.
وفي مستهلّ حياته التّعليميّة، انتسب أحمد إلى كتّاب أبيه لحفظ القرآن الكريم، مثل بقيّة أقرانه، وبالموازاة مع ذلك سجّله أبوه في مدرسة حرّة تابعة للحركة الوطنيّة آنذاك، لتعلّم قواعد اللّغة العربيّة من نحو وصرف وغير ذلك. وفي الفترة الممتدّة بين سنتي 1947م و1953م، انتقل إلى المدرسة الابتدائيّة الفرنسيّة بمدينة بوسماعيل، والتي كان تُسمّي "مدرسة الوسط". ولم تمنعه ظروفه العائليّة الصّعبة، ولا عنصريّة أغلبية الفئات الفرنسية المستعمرة من التّفوّق في دراسته. .... وتوّج مساره في هذه المرحلة بنيل شهادته الابتدائيّة بامتياز.
انتقل بعدها إلى المرحلة الثّانويّة، في إطار النّظام الدّاخليّ بين سنوات 1954م و1962م، وانتسب إلى الثّانوية الثّعالبيّة (ثانوية عمارة رشيد حاليًّا). وهناك برز تفوّقه في كلّ الموادّ التّعليميّة، وخصوصًا مادّة الرّياضيّات. وممّا يروى عنه أنّه لمّا تغيّب أحد أساتذة السنة النهائية، قام أحمد بتعويضه في تدريس التّلاميذ مادّة الرّياضيّات.
وشكّل التّواصل باللّغة الفرنسيّة صعوبةً بالغةً لأحمد، بخلاف الكتابة التي كان أكثر تحكّمًا فيها. ولتجاوز هذه العقبة، خصّص أحمد وقتا إضافيًّا لمطالعة الكتب، وحاول أن يكون أكثر جرأةً أثناء الحديث في القسم مع المعلِّمين والزّملاء، وبعد جهدٍ متواصلٍ وعملٍ دؤوبٍ صار أكثر كفاءةً، وأحسن تواصلاً.
وفي سنة 1956م دعت جبهة التّحرير الوطنيّ إلى الإضراب العامّ، فتوقّفت ثانويات العاصمة عن التّدريس، فمكث عند خاله في مدينة "قصر البخاري" بولاية المديّة، لمواصلة دراسته هناك، وبعد نهاية الإضراب عاد إلى الثّعالبيّة.
التحق والده بالثّورة التّحريريّة، سنة 1955م، وانخرط في العمل الفدائيّ السّريّ، فكان مكلَّفًا بجمع التبرّعات المالية وتوزيعها لعائلات الشهداء والمجاهدين الذين التحقوا بجيش التحرير الوطني، ولكنّ الاحتلال الفرنسيّ اكتشف أمره، وألقى عليه القبض ..... في إحدى ليالي شهر مارس من سنة 1957م، في إطار ما يُعرف في تاريخ الثورة الجزائرية بـ: " معركة الجزائر"، ليُزَفَّ بعدها إلى ربّه شهيدًا في ذات السّنة، ولا يُعرف قبره إلى الآن.
وصل خبر استشهاد الوالد إلى أحمد - وكان وقتها في قصر البخاريّ-، فوجد نفسه مسؤولًا عن إعالة عائلته، رغم صغر سنه آنذاك. فكان في فترة الصّائفة يعمل في جني محاصيل الخضر في حقول المعمّرين ببوسماعيل، واحترف نجارة الخشب لفترة وجيزة. ورغم هذا لم يزدد إلّا عزماً وإصراراً على مواصلة الدّراسة بجدٍّ، إرضاءً لشغفه بالمعرفة، وإكراماً لوالده الذي وضعه على أولى عتبات طلب العلم. وتُوِّجت مسيرته بحصوله على شهادة الباكالوريا - القسم الأوّل- سنة 1961م، ثمّ باكالوريا القسم الثّاني سنة 1962م، بتقدير جيد جدّاً.
وفي المرحلة الثانوية، تبلور طموح أحمد ليصير طبيبًا، ولكنّ أحد أساتذته (وكان فرنسيّا) نصحه بأن يواصل دراسة الرّياضيّات، ليس لبراعته فيها فحسب، ولكن لامتلاكه حسًّا منهجيًّا قويًّا، يؤهّله لخوض غمار هذا التّخصّص في الجامعة.
وفي جامعة الجزائر، درس تخصّص الرّياضيّات العامّة التّطبيقيّة والفيزياء (MGP)، وحاز على شهادة اللّيسانس في جوان 1965م بتفوّق، ممّا سمح له بالحصول على منحة لمتابعة دراسته خارج أرض الوطن، فانتسب إلى جامعة "أورسي" للعلوم الدّقيقة (باريس 11)، في سبتمبر من سنة 1965م. وفي سنة 1972م حصل منها على شهادة الدّكتوراه في الرّياضيّات في تخصّص التّحليل التّابعيّ.
لينتقل بعدها لمقاعد التّدريس بصفة أستاذ، وتدرّج في سلّم التّعليم الجامعيّ من معيد بذات الجامعة، ثمّ أستاذٍ مساعد، إلى أن غدا أستاذًا محاضرًا في مادّة الرّياضيات، ثم "أستاذ كرسي" في الرياضيات وتاريخ الرياضيات في جماعة ليل، إلى غاية تقاعده.
وابتداء من سنة 1974م قاده شغفه بالبحث والاطّلاع إلى دراسة تاريخ الرّياضيّات؛ فاستعمل رصيده في اللغة العربية وفي ثقافتها المتعدّدة الأبعاد، وملكته المنهجيّة، وقدرته على الاستيعاب والتّنقيب، ليصير باحثاً مستقلًّا في تاريخ العلوم عامّة، وفي تاريخ الرّياضيّات العربيّة بالخصوص. فبدأ رحلة الاطلاع على التّراث العربيّ في هذا الشّأن، وكان ينشر مقالاتٍ علميّةً محكّمةً حول كلِّ ما يتوصّل إليه بانتظام.
وبعد مسيرةٍ بحثيّةٍ دامت خمسة عشر سنة، تُوِّجت جهوده بالحصول على شهادة الدّكتوراه الثّانية في تاريخ العلوم، وبالضّبط في تخصّص تاريخ الرّياضيّات العربيّة في الأندلس والمغرب الكبير، من "جامعة نانـْت" بفرنسا في سنة 1990م.
وبعد ثمان سنوات حصل على التّأهيل في تاريخ الرّياضيّات، من معهد الدّراسات العليا في العلوم الاجتماعيّة بباريس، ليعيّن بعدها في سنة 2002م أستاذا بدرجة بروفيسور في الرّياضيّات وتاريخ الرّياضيّات بـ"جامعة ليل" للعلوم والتّكنولوجيا، وكان وقتها تخصّصا حديث النّشأة في الجامعة.
وما تزال أبحاثه العلميّة مستمرّةً إلى غاية الآن، للتّنقيب عن المخطوطات وأمّهات الكتب، وتسليط الضّوء على إسهامات علماء الحضارة العربية الإسلامية في تطوّر العلم في عصرها الذهبي.
خاض البروفيسور أحمد جبّار غمار النّضال السّياسيّ في سنوات السبعينيات، موازاةً مع اشتغاله بالبحث العلميّ، فقد كان طيلة عشر سنوات مناضلًا في حزب سياسيّ، أسّسه آنذاك الرّئيس الرّاحل "محمّد بوضياف".
ولمّا تولّى هذا الأخير منصب رئاسة الجمهوريّة، تقلّد البروفيسور منصب مستشار رئيس الجمهوريّة في كلٍّ من قطاع التّربية والثّقافة والإعلام، ابتداء من 18 جانفي 1992م إلى غاية 29 جوان من نفس السّنة، ليعيّن بعدها وزيرًا للتّربيّة الوطنيّة والتّعليم العالي والبحث العلميّ في الحكومة الجزائريّة، في الفترة الممتدّة بين سنتي 1992-1994م.
وبعد انتهاء مهامّه الرّسميّة، عاد البروفيسور إلى محضنه الأوّل: قاعات الدّرس بالجامعة، باحثًا ومحاضرًا ومشرفًا على الطّلبة وأبحاثهم.
اكتشف البروفيسور أحمد جبار عالَم تنشيط الحصص الإذاعيّة والتّلفزيونيّة، من خلال تقديمه لبرنامج "العلماء في أرض الإسلام''، والّذي عرضه التّلفزيون الجزائريّ في شهر رمضان من سنة 2011م بثلاث لغات: العربية والأمازيغية والفرنسية. وجاء البرنامج ردًّا على محاولات طمس الحضارة الإسلاميّة من طرف بعض الجهات الغربيّة، حيث يعتبر البروفيسور عالم التّنشيط في ميدان السّمعيّ البصريّ وسيلةً ناجعةً، للبرهنة على إسهامات علماء العرب والمسلمين في الحضارة الغربيّة الحاليّة.
هذه هي مسيرة رجل من الزّمن الصّعب، تعلّم أن يكون صلباً، وأبى على زمانِهِ انكساراً، فكان بحقٍّ المعادلة الأصعب، لتبقى الإرادة في نهاية المطاف هي عنوان التّغيير، وعامل الحسم في حياة "البروفيسور أحمد جبّار".
إنَّ النقاش والجدل اللذين دارا بين المسيحيين والمسلمين، أسهم إلى حدٍّ كبير في جعل العرب يكتشفون علوم الآخرين
أحداث ومواقف في حياة البروفيسور أحمد جبّار:
ازدحمت حياة البروفيسور أحمد جبّار بالمواقف المؤثّرة والصّعبة في آن واحد، وكان لها الأثر البيّن في تشكيل شخصيّته، وصقل مسيرته العلميّة والعمليّة، ولم تخل كذلك من الطّرائف التي كان هو بطلًا فيها بامتياز، وبخاصّة في مرحلة الصِّبا، والتي يبدو أنّه استمتع بها، رغم صعوبة ما مرّ به خلالها.
من المواقف الصّعبة والمؤثِّرة في آنٍ واحدٍ، ما وقع له حين توجّه لمزاولة حرفة النِّجارة بطلبٍ من والدته، ليعيل عائلته، رغم رفضه لفكرة العمل من أساسها، لأنّ رغبته كانت معلّقة بمتابعة مسيرة طلب العلم. وبالفعل بدأ يتعلّم الحرفة على يد نجّارٍ في بوسماعيل، وحدث ذات يوم أن قُطِع أصبع معلِّمه بآلة قطع الخشب، وكانت هذه الحادثة مؤلمةً، ودفعت والدته إلى توقيفه عن العمل، لخوفها عليه من حادثٍ مماثل.
لقد تركت هذه الحادثة وغيرها أثرًا في حياة أحمد، وجعلته أكثر إقبالاً على تحمّل المسؤوليّة تجاه عائلة مكوّنة من 15 فرداً. وليس أدلّ على ذلك من أنّه كان ينظّم لإخوته أوقات الفراغ في فترة الصّائفة، ويقسّمها بين مساعدة الوالدة في أشغال البيت، وكذا المطالعة والمذاكرة، تحضيرًا للعام الدِّراسيِّ الجديد.
وفي صائفة 1962م تعاون مع صديقه "حسين شاوش" (وهو حاليًّا رئيس مصلحة الجراحة الصّدريّة وجراحة الأوعية وزرع الكلى في مستشفى مصطفى باشا الجامعيّ، ورئيس الجمعيّة الجزائريّة لزراعة الأعضاء) في تدريس أبناء القرية ببوسماعيل، ممّن كانوا يتأهّبون لامتحان الشّهادة الابتدائيّة، ولم يمنعه انشغاله بالتّحضير لاجتياز امتحان شهادة الباكالوريا وقتئذٍ، من تأدية واجبه تُّجاه أبناء قريته. ليس هذا فحسب، بل كان رفقة صديقه ذاك يقومان بتعليم العمال في بوسماعيل اللّغة العربيّة. ....
‹‹افتخروا بثقافتكم العربية الإسلامية وبتاريخكم لأنها رمز حضارتكم ومستقبلكم››.
ومن بين المواقف الطّريفة التي يرويها البروفيسور عن نفسه، ما وقع في مرحلة الدّراسة في الكتّاب؛ حيث إنَّ أحد الأطفال ضرب زميلًا له حتّى أدمى يده، فما كان من معلّم القرآن إلَّا أن عاقب الطّفل المعتدي بعقوبة (الفَلَقَة)، وطلب من أحمد أن يعينه بمسك رجليّ الطّفل. وأثناء المعاقبة أصابت العصا يد أحمد، وسبّبت له جروحًا بالغة، ممّا دفع والدته إلى طلب تدخّل الوالد في الأمر، ولكنّ والد أحمد ابتسم ابتسامةً عريضة، وقال لها: "الآن فقط بدأ أحمد يتعلّم حقًّا، والفضل يعود لعصا (الفلقة)".
هي الحياة هكذا، يوم نُسَاء ويوم نُسَرُّ، ولكنّ اللبيب من يعتبر ويتعلّم، وهاتان الخصلتان كانتا حاضرتين بقوّة في شخصيّة البروفيسور أحمد جبّار، فلم تزده قسوة الحياة إلَّا إصرارًا على التّحدِّي، بل إنّ العقبات في حياته كانت مؤشِّراً عميقاً على ولادة رجلٍ عبقريٍّ، من رحم معاناةٍ صارخة.
قالوا عن البروفيسور أحمد جبّار...
- "بعد مرور أكثر من 50 سنة، يصعُبُ عليّ أن أتذكّر علاقتي مع أحمد جبّار بكلّ تفاصيلها، ولكن ما أتذكره جيّدا هو الأثر العميق الذي تركه تلميذاً وشابًّا... فمثلا كان كلّ واحد من التّلاميذ آنذاك ينال جائزةً لتميُّزِه في مادّة من الموادّ أو لتفوّقه في العام الدِّراسيّ، أمّا أحمد جبّار فكان ينال على المنصّة كلّ الجوائز دفعةً واحدةً، وكنّا نساعده فيما بعد في حملها". (د/ لبرص صديق البروفيسور).
- "استطاع أحمد جبّار أن يواصل دراسته بكلّ جدٍّ واجتهادٍ، رغم وفاة والده في فترة مبكرة من حياته، ولم يشعر أحدٌ من زملائه بتأثير وفاة الوالد في حياته نظراً لقوّة شخصيّته، بل إنّ قلّة من النّاس في المدرسة الثّعالبيّة آنذاك كانوا يعلمون بأنّ أحمد يتيم الأب". (د/ لبرص صديق البروفيسور).
- "يتمتّع البروفيسور بعلاقة صداقةٍ متينةٍ مع مشايخه الذين درس عندهم، حيث بقي يتواصل مع الكثيرين منهم إلى غاية وفاتِهِم، ومنهم من دعاهم على نفقته الخاصّة للمشاركة في ملتقيات علميّة وطنيّة أو دوليّة... هو ممّن يجلّون العلم والعلماء". (د/ لبرص صديق البروفيسور).
- "إذا جالستَهُ لا تحسّ بأنّك في حضرة وزيرٍ أو باحثٍ في أعلى منصب في الجامعة... تواضُعُه يعمُّ الجميع، وفكاهته حاضرة في كلّ جلساتِهِ...". (عبد الحفيظ، أحد أشقاء البروفيسور، رحمه الله).
- "عندما يزورني في بيتي يلتقي ببعض الجيران، فيسلِّم عليهم، ويسأل عن أحوالِهِم، ويستفسِرُ عمّن لم يعرفه منهم... لا يحبُّ التّكلّف في الاستقبال أو الطّعام، وجلّ احتياجاته بسيطةٌ... ولكنّه في الوقت نفسِهِ صارمٌ صرامة الرّياضيّات". (عبد الحفيظ، أحد أشقاء البروفيسور).
‹‹على الشَّباب والطلبة جميعا أن يضعوا المستقبل أمامهم على منهج العلم والتعليم والاطلاع والتثقيف، دون تعصب››.
تاريخ العلوم: رحلة بحث في الفكرة والمنهج
(مقتطفاتٌ من تصريحاته)
- يُوجدُ ما يقارب 40 باحثا في هذا الاختصاص عبر العالم، ولا يتعدّى العدد أصابع اليد الواحدة في الوطن العربي، نظرًا لأنّ هذا التخصّص يتطلّبُ كفاءاتٍ علميّةً وتقنيّةً ولغويّةً وابستمولوجيّةً وتاريخيّةً، وكذا التّحكّم في قراءة اللّغات القديمة، ممّا يجعل هذا التّخصّص صعباً للغاية. (حوار مع جريدة النصر الجزائرية، نشر بتاريخ: 04/04/2011).
- أبحث في هذا الميدان منذ 30 سنة، وقد وصلتُ إلى حقائق مذهلةٍ بالأدلّة القاطعة، تصحِّح بعض الأخطاء التي كانت شائعةً في الأمس القريب، وقد استغلَّها بعض الأوروبيِّين المتعصِّبين، في محاولةٍ لمحو أثار إسهامات العرب والمسلمين في النّهضة العلميّة لشعوب العالم وتأثيراتِ ذلك في نهضتهم في أواخر القرن السّابع عشر الميلاديّ، لهدف إيديولوجيٍّ وثقافيٍّ، بوعي أو بغير وعي منهم، ومن الأرجح أنّه من منطلق طمس معالم العصر الذّهبيّ لنهضة العرب، ما بين القرن الثّامن والرّابع عشر الميلاديّ، حيث كان الاهتمام بنقل العلوم من الهند والحضارة اليونانيّة. (حوار مع جريدة النصر الجزائرية، نشر بتاريخ: 04/04/2011).
- إنّ النّقاش والجدل اللّذيْن دارا بين المسيحيِّين والمسلمين، أسهم إلى حدٍّ كبيرٍ في جعل العرب يكتشفون علوم الآخرين، كما أسهمت التّعدّديّة الثّقافيّة التي ميّزت العالم الإسلاميّ، في إعطاء دفعٍ للعلوم وتطوُّرِها. وأتأسّف كثيراً لظاهرة انتشار الممنوعات بشأن تناول تاريخ العلوم العربيّة اليوم، من زاوية مختلفةٍ ومغايِرةٍ، تقوم على إبراز دور الشّعوب غير العربيّة. (حوار مع يومية الخبر الجزائريّة، نشر بتاريخ: 28/05/2013).
- فهِم الأوروبِّيُّون أنّهم بقدر ما كانوا تلاميذ للمسلمين، بقدر ما كانوا أعداءهم في الدِّين، فلماذا ينتسبون إليهم إذن؟ لذا حاولوا أن يظهروا أنّهم ليسوا ورثةً للمسلمين، ولكنّهم ورثةُ تقليدٍ قديمٍ يبقى دائما أوروبِّيًّا، فتمّ إنشاء مفهوم "الإرث اليونانيّ" في هذه اللّحظة. وبخلاف هذا تماما، فإنّ المسلمين لم يجحدوا الإرث اليوناني والهنديّ أبدا، بل تمّ إغناؤهما من خلال إسهامات المسلمين طيلة أربعة قرون. وقد كان الأوروبِّيُّون من القرن 12م إلى 15م يعرفون هذا بشكل جيِّد، لكنّ أوروبِّيِّي القرن 17م احتاجوا إلى إعادة كتابة التّاريخ بوجهٍ آخر، استجابةً لنوعٍ من الحاجة الهويّاتيّة، وشرعوا في محو كلّ دورٍ للعلماء المتخصّصين في بلاد الإسلام ابتداء من القرن 17م." (حوار مع موقع ابن البنا المراكشي للبحوث والدراسات في تاريخ العلوم في الحضارة الإسلامية، http://www.albanna.ma/Article.aspx?C=5623).
- "بما أنّ الإيديولوجيا تتدخّل كثيرا في العلم، فقد سمّى الأوروبّيّون الكيمياء بـ "الكيمياء المعاصرة"، ونعتوا كلّ ما كان موجودًا من قبلُ بـ"الخيمياء"، تمييزًا لها عن الكيمياء التي أُنجزت من طرفهم، بينما لم تعرف أوروبّا كيمياءً قطّ من قبل. ويجب أن لا يغيب عن بالنا أنّ الكيمياء الأوروبّيّة في القرن 12م إلى حدود القرن 17م، جاءت بكاملها من الكتابات العربيّة المترجَمَة إلى اللاّتينيّة، وهذه ظاهرةٌ لا تقبل النِّقاش. لقد كان الأوروبّيّون يملكون القليل من الرِّياضيّات والفلك، ولم تكن لديهم كيمياء... إذن فكلّ الكيمياء المنجزة في أوروبّا تجد مصادرها في الكتابات العربيّة". (حوار مع موقع ابن البنا المراكشي للبحوث والدراسات في تاريخ العلوم في الحضارة الإسلامية، http://www.albanna.ma/Article.aspx?C=5623)
‹‹إذن فكلّ الكيمياء المنجزة في أوروبا تجد مصادرها في الكتابات العربية››.
- الرّياضيّات هي قبل كلّ شيءٍ عبارةٌ عن تراكم، وتراكيب وبناءات متطوّرة متقنة، ولحلِّ مشكلٍ معقّدٍ، يجب الاعتماد غالبا على كلّ إرث السّابقين. إذن ففائدة هذه الأعمال ليست في الغالب البرهنة على النّتيجة، بل في تطوير أدوات رياضيّة جديدة، تخدم إنجاز هذه النّتيجة نفسها. فمن الممكن ألاّ يفيد هذا في شيء، لكنّ الأدوات التي تمّ تطويرها لإيجاد النّتيجة، تستطيع خدمة الفيزياء والرّياضيّات، لأنّها لا تشتغل في الغالب لأجل الحاضر، ولكن بشكل أكبر للمستقبل، وفي هذا كلِّه تكمن قوّة الرّياضيّات، وضعفُها أيضا." (حوار مع موقع "ابن البنا المراكشي للبحوث والدراسات في تاريخ العلوم في الحضارة الإسلامية"، http://www.albanna.ma/Article.aspx?C=5623).
- "افتخِرُوا بثقافتِكم العربيّة الإسلاميّة وبتاريخِكُم، لأنّهما رمز حاضركم ومستقبلكم، ولا يكفي الافتخار فقط، بل عليكم بالعمل والقراءة والتّكوين الجيّد؛ فالسّلف أسّسوا لنهضةٍ عربيّةٍ دامت 8 قرونٍ كاملةٍ بالعلم والاجتهاد، فكتبوا التّاريخ. وجميع المخطوطات التي تصفحّتُها في أشهر مكتبات العالم تؤكِّد ذلك، وهذا هو مسعى الغرب حاليا. لقد ضيّعنا الكثير، وعليه فعلى الشّباب والطّلبة جميعًا أن يضعوا المستقبل أمامهم، على منهج العلم، وخطى التّعليم السّليم، والاطلاع والتّثقيف، بدون تعصُّبٍ، كما فعل الأوائل." (حوار مع جريدة النصر الجزائرية، نشر بتاريخ: 04/04/2011).
المؤهلات العلمية:
- تأهيل في تاريخ الرياضيات، معهد الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية، باريس، 1998م.
- دكتوراه في تاريخ الرياضيات العربية في الأندلس والمغرب الكبير، جامعة نانـْت، فرنسا، 1990م.
- دكتوراه في الرياضيات (PhD) في التحليل التابعي: جامعة باريس - الجنوب، 1972م.
- ليسانس في الرياضيات، جامعة الجزائر، 1965م.
- ليسانس في الفقه الإسلامي: المدرسة الثعالبية، بن عكنون، الجزائر، 1962م.
المهـــــــــام:
على مستوى التدريس:
- أستاذ محاضر، جامعة باريس – الجنوب، فرنسا (رياضيات): 1978-2001م.
- أستاذ كرسي، جامعة ليل للعلوم والتكنولوجيا، فرنسا (رياضيات وتاريخ الرياضيات): 2002-2007م.
- أستاذ فخري بجامعة ليل (فرنسا): منذ 2008م إلى اليوم.
على مستوى البحث:
- باحث في فرع تاريخ الرياضيات، تاريخ الرياضيات العربية في الغرب الإسلامي (ق. 8-15 ) (عضو مجموعة البحث U.M.R 8524للمركز الوطني للبحث العلمي ( CNRS )، من 1975م إلى اليوم.
- أمين سر ومقرر اللجنة الدولية لتاريخ الرياضيات في إفريقيا (التابعة لاتحاد الرياضيين الأفارقة )، 1987م إلى اليوم.
- عضو اللجنة الدولية لتاريخ الرياضيات، 1992م إلى اليوم.
- عضو الأكاديمية الدولية لتاريخ العلوم، 1995م إلى اليوم.
- عضو المجلس الاستشاري لمشروع حصر المخطوطات العلمية الإسلامية (مونتريال، كندا)،من 2006م إلى اليوم.
عضو هيئة التحرير للمنشورات التالية:
- - مجلة "أركايفز" [Archives] (ألمانيا)، 1998م إلى 2006م.
- - مجلة "للول" [Lull] (سرقسطة، إسبانيا)، 1999م إلى اليوم.
- مجلة "تاريخ العلم" (طهران، إيران)، 2004م إلى اليوم.
- مجلة "تاريخ العلوم العربية" (حلب، سوريا)، 2004م إلى اليوم.
- "مجلة "تاريخ تدريس الرياضيات" (بيلفالد، ألمانيا)، 2006م إلى اليوم.
- مجلة "ميراث علمي إسلام وإيران" (طهران، إيران)، 2014م إلى اليوم.
- مجلة سُهَيْل للعلوم العربية – الإسلامية (برشلونة، اسبانيا) : منذ 2009م.
مهام رسمية:
- مستشار رئيس الجمهورية الجزائرية محمد بوضياف، التربية والثقافة والإعلام : 18 جانفي- 29 جوان 1992م.
- وزير التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي في الحكومة الجزائرية: 1992-1994م.
مهام شرفية:
- عضو مشارك في اللجنة الوطنية الفرنسية للاستشارة في المناهج المدرسية: 2001-2004م.
- عضو مشارك في اللجنة الوطنية المغربية للاستشارة في المناهج المدرسية: 2002-2004م.
- دكتوراه شرفية [Doctor Honoris Causa] من قبل جامعة روسكيلد (الدنمارك): 2006م.
- عضو اللجنة الدولية لجائزة الإدريسي (بالِرمو، صقلية): 2010-2013م.
- عضو اللجنة الدولية لجائزة الشارقة – اليونسكو (باريس): منذ 2013م إلى اليوم.
تمييزات:
- دكتوراه شرفية [Doctor Honoris Causa] من قبل جامعة روسكيلد (الدانمرك): 2006م.
- وسام العالِم الجزائري (الجزائر): 2014م.
- عضو مؤسّس للأكاديمية الجزائرية للعلوم والتكنولوجيات: منذ 2015م.
- جائزة ديفد يوجَن سْميث [David Eugene Smith] (جامعة كولوبيا، نيو يورك، الولايات المتّحدة): 2016م.
- جائزة ابن سينا الدولية: باريس، 2018م.
- عضو مراسل للأكاديمية التونسية للعلوم والفنون والآداب: 2019م.
- رئيس المجلس العلمي والثقافي الأعلى لمسجد باريس الكبير: 2020م.
الأعمال:
- 1-في الرياضيات:
- - حل مسائل كوشي المُنحطـّة بطريقة أوفسيانيكوف، أطروحة دكتوراه، جامعة باريس – الجنوب،1972م.
- - حل بعض المسائل المُميّزة، مقالة رياضية، تقارير أكاديمية العلوم، السلسلة A من ص 1089-1090، باريس 1972م.
- 2-في تاريخ الرياضيات:
- - الرياضيات والرياضيون في المغرب العربي الوسيط (ق 9-16م): مساهمة في دراسة النشاطات العلمية في الغرب الإسلامي، أطروحة دكتوراه، جامعة نانت، فرنسا، 1990م.
- - مساهمة في دراسة النشاطات الرياضية في الغرب الإسلامي (ق 9-16م)، شهادة تأهيل، مدرسة الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية، 1998م.
الكتب المؤلفة:
- باللغة العربية:
- 1981م: مؤلفات عمر الخيام الجبرية، حلب، منشورات جامعة حلب.
- 1990م: كتاب الأصول والمقدمات في الجبر والمقابلة لابن البنـّا المراكشي (تحقيق وتحليل وترجمة فرنسية)، ضمن أعمال الأطروحة.
- 2001م: حياة ومؤلفات ابن البنـّا المراكشي ، الرباط، مطبوعات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامع محمد الخامس (بالمشاركة).
- 2007م: العصر الذهبي للعلوم العربية، كتالوج معرض معهد العالم العربي، باريس.
- 2008م: العلوم العربية في عصرها الذهبي، الرباط، دار الفنون والعلوم والآداب (بالعربية والفرنسية).
- 2012م: علماء الحضارة العربية الإسلامية ومساهماتهم، الجزائر، دار النشر كليك.
- 2013م: الاكتشافات العلمية في الحضارة الإسلامية، عمّان، الأكاديمية الإسلامية للعلوم.
- 1987-2003م: حولية لجنة تاريخ الرياضيات التابعة لاتحاد الرياضيين الأفارقة: 31 عددا (بالمشاركة).
- كراس حلقة ابن الهيثم، حولية مجموعة البحث حول تاريخ الرياضيات العربية التابعة للمدرسة العليا للأساتذة، الجزائر : 1991-2003م، ثم 2013م: 10 أعداد (بالمشاركة).
باللغة الفرنسية:
- 1987م: الرياضيات عبر العصور، باريس غوتْيي فيلار.
- 1993م: تاريخ الخوارزميات: من الحصى إلى البقـّة الإلكترونية، باربس بيلان.
- 2001م: من تاريخ العِلم العربي، باريس.
- 2007م: الرياضيات في التاريخ والثقافات الإفريقية، ببليوغرافيا مفسّرة، جامعة ليل للعلوم والتكنولوجيا، فرنسا.
- 2005م: الجبر العربي، نشأة فن، فـْويبار أدابْت، باريس.
- 2005م: العلوم العربية في عصرها، باريس.
- 2005م: كتالوج معرض "العلوم العربية في عصرها الذهبي"، باريس.
- 2006م: في فضل تاريخ العلوم والتقنيات، باريس.
- 2011م: العلوم العربية في إفريقيا، الفلك والرياضيات (ق 9-19م)، باريس، طبعة جديدة بالجزائر 2012م.
- 2013م: الاكتشافات العلمية في دار الإسلام، عمّان، الأردن.
- 2013م: الخوارزمي، الجبر والحساب الهندي، باريس.
باللغة الإنجليزية:
- 2000م: تاريخ الخوارزميات: من الحصى إلى البقـّة الإلكترونية، برلين-هيدلبرج.
- 2011م: الاكتشافات العلمية في دار الإسلام، كوالالَمْبور (ماليزيا).
باللغة الإيطالية:
- 2002م: تاريخ العِلم العربي: تراث ثقافي للإسلام.
المقالات: بأجزائه الثمانية
الإشراف: بجزئيه
مشاركات أخرى:
- في لجان التأهيل في البحث:
- يوسف ڨرڨور: عنّابة، جامعة باجي مختار، 2008م.
- عبد الملك بوزاري: قسنطينة، جامعة منتوري، 2010م.
- Agnès Charpentier : باريس، جامعة فارساي (فرنسا)، 2012م.
- أنيسة حَربيلي، الجزائر، المدرسة العليا للأساتذة بالقُبّة، 2018م.
في لجان الدكتوراه:
- Maryvonne Spiesser : تولوز (فرنسا)، جامعة بول ساباتيي، 1999م.
- Marie-Hélène Labarthe : تولوز (فرنسا)، جامعة بول ساباتيي، 2004م.
- امحند آكلي حاديبي: باريس (فرنسا)، مدرسة الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية، 2006م.
- ياسين كرامتي: باريس (فرنسا)، متحف التاريخ الطبيعي، 2008م.
- Christophe Hebeisen : لوزان (سويسرا)، المدرسة المتعددة التقنيات، 2008م.
‹‹بحثت في ميدان تاريخ العلوم منذ ثلاثين سنة وقد توصلت إلى حقائق مذهلة››.
Podcast الوسام
محتوى سمعي من انتاج مؤسسة وسام العالم الجزائري, تابعنا على:
google-podcast spotify apple-podcast