خـبـيــر مـيـكانيــك المـوائــع

الاسم: جمال

اللقب: لكحل

تاريخ ومكان الميلاد: 09 نوفمبر 1965م، باتنة.

"أنا لا أساوم في حب الجزائر: الجزائر بالنسبة لي ليست ذاكرة فقط، وإنما هي سيولة وانسياب، تماما مثل ميكانيك الموائع، هي تسري في الفضاء وأنا أنساب معها دون شرط ولا قيد..."

النشأة الأولى، والدّراسة الابتدائية:

في حنايا مدينة باتنة الغراء، بين جبال الأوراس الشامخة، ولد جمال لكحل  يوم التاسع من نوفمبر المجيد خمسة وستين تسعمائة وألف (1965م)، في عائلة ثورية حيث كان الجد مجاهدًا؛ والعم شهيدًا.

ترعرع ابن "عبد المجيد لكحل" و"زهرة بن شدة" ضمن عائلة متعلمة مثقفة، فالوالدان تلقيا تعليمهما معًا -في المدرسة الفرنسية؛ في نفس القسم- بمدينة "سريانة" ولاية باتنة؛ والجد كان مثقفا في عصر الاستعمار الذي قلّ فيه المتعلّمون: "جدي رحمه الله، ولد عام 1909م وكان ثلاثي اللغة، ذو خط رائع، أتذكره وهو يكتب الرسائل بالعربية وبالفرنسية".

حوالي 1957م انتقلت عائلة لكحل إلى مدينة باتنة، وبدأ الوالد عبد المجيد العمل صغيرًا في مجال المحاسبة المالية والإدارة، واستفاد التلميذ جمال من المستوى التعليمي للوالدين؛ وعن ذلك يقول: " للعائلة أثر كبير: فأنا ابن مثقف، وابن مثقفة. ولقد كبرت ما بين الكتب، وكان الوالدان ممن اعتاد على المطالعة. الكتابة بالفرنسية الجميلة تعلمتها من يد الوالدة رحمها الله، أما الوالد فعلمني الحساب".

عشر سنوات بعد الاستقلال كانت بداية المسار التعليمي للصبي جمال، حيث درس السنة التحضيرية في المدرسة القرآنية في "حي السطا" وسط المدينة – كان بالأصل مسجدًا صغيرًا -، وكان جمال يذهب إليها فجرًا رفقة جاره الإمام "الشيخ عبد الصمد"، ثم زاوج بين المدرسة القرآنية والمسجد صباحا، والمدرسة الابتدائية بَحْر النهار.

في سنة 1971م التحق جمال بالمدرسة الابتدائية "عبد الرحمان الأخضري"، ومن أسباب اختياره لها: أنّ مديرها السيد " قدور خزندار " وزوجه –معلّمته في اللغة الفرنسية- هما من درّسا والديه من قبل في "سريانة".

يصف البروفيسور مدرسته الابتدائية بأنها تمتاز بالانضباط ومتابعة أدقّ التفاصيل في النظافة الشخصية والتنظيم، وفي ذلك يقول: " ممن أثر فيّ كثيرا مدير مدرسة عبد الرحمن الأخضري، السيد: "قدور خزندار" رحمه الله. وكذلك زوجته -لعلّها قيد الحياة-. كنّا في المدرسة نضع مناديلنا مكويّة مطويّة فوق الطاولة، وكان المدير يراقب شعر كلّ تلميذ، وأظافره".

"كان المدير خزندار يرسل التلاميذ المجتهدين ليخلطوا الحبر بالماء... وهذه كانت أعظم أمنياتنا، ومن أحسن وسائل التحفيز... ولعلَّ من خلط الحبر جاء تخصصي في ميكانيك الموائع بعد سنوات..."

 

وفي المرحلة النهائية للابتدائية عام 1977م كان ورفاقه كلّهم من الناجحين في الدّفعة، وكان عددهم ثلاث وعشرون تلميذا؛ ومن بين أهم أصدقائه الذين درسوا معه: " كمال مصمودي" و "توفيق وطاس" و"مراد إيفروجن" وغيرهم.

الفتوّة من المتوسّط إلى الثانوي:

نجح الفتى جمال في اجتياز المرحلة الابتدائية بعد تكوين رصين على يد معلّمين أكفَاء؛ تركوا أثرهم في شخصيته ومساره؛ من بينهم: أساتذته "بن ديحة"، و"موسى بوعرعور"، و"الأستاذة شيخي"، ودون نسيان الأستاذة " خزندار" التي درّسته اللغة الفرنسية بطريقة مميزة استفاد منها في مساره الأكاديمي.

" أستاذي بوعرعور، وكان من أبرز المعلمين؛ فكانت نظرته أوسع من الجزائر، كانت نظرته عالمية، فورثنا هذا الأفق منه؛ وكان يحملنا على المطالعة ويشجعنا عليها..."

اجتاز مرحلة المتوسط بـ" إكمالية الإخوة العمراني"، فكانت مرحلة جديدة كبر فيها التلميذ جمال.

الاعتزاز بالأصول والإحساس بالانتماء من سمات شخصية جمال؛ فقد كان يقضي العطلة الصيفيّة مع عائلته في مسقط رأسه "سريانة"، للمكوث فيها لبعض الوقت مع أخواله، إضافة إلى ذلك كان يتفسّح في مختلف المناطق الطبيعية التي تزخر بها منطقة الأوراس وبعض القرى المجاورة، قصد الاستجمام وتغيير الأجواء.

" كتاب، وفنانون، وأساتذة، وصحفيون جزائريون كثيرون كانوا أسوتي، وأثروا في حياتي؛ بخاصة حين كنا في عمر المراهقة..."

في عامه الثّاني وُظّف والده عبد المجيد في مدينة "المغيَّر" -ولاية الوادي-، وأكمل جمال مرحلة المتوسط بها؛ ومن أبرز أساتذته في هذه المرحلة: الأستاذ "مراكشي" الذي بقي اسمه راسخًا في ذهنه، لما تميز به من تمكّن في مادة الرياضيات، وكذلك أستاذته في اللغة الفرنسية "زهرة الفاهم".

ومن الذكريات الجميلة التي يذكرها في مدينة "المغير"، تعلّمه ركوب الدراجة التي كانت منتشرة كثيرا هناك، كما انضم إلى فريق لكرة اليد بالمدينة.

"إنسان الصحراء الجزائرية يختلف عن إنسان الشمال بالهدوء والرزانة، وإنسان الشّمال يغلي ويفور. وفي هذا أشبّه صحراء الجزائر بشمال أوروبا، وشمال الجزائر بجنوب أوروبا، والحد الفاصل هو ألمانيا".

إلى مدينة "تقرت"؛ انتقل التلميذ جمال؛ بغية إكمال الدراسة في شعبة الرياضيات بثانوية "الأمير عبد القادر" ما بين: 1981م و1984م.

وفي هذه الفترة سكن في الإقامة الداخلية للثانوية وكان يزور أصدقاءه في منازلهم ويتعرف على عائلاتهم، كما أتيحت له الفرصة لتذوق الشاي الأخضر المميّز ولعب الكرة الحديدية...

تأثر الطالب جمال كثيرًا بالمراقب العام في الثانوية السيد "درويش" الذي كان يتابع الطلبة عن كثب، يشجعهم ويدفعهم لبذل المزيد من الجهد، وكان قدوتهم في النظام والانضباط.

ومن أصدقاء الثانوية المقربين الذين رسخوا في ذاكرة جمال: "نبيل كافي"، و"بن عبد الصادق"، و"معاذ سايح " الذين جمعتهم به رياضة كرة اليد والدراسة، كذلك " ياسين بن عودة " الذي لا زالت علاقته به مستمرة إلى الآن إذ يزوره جمال مع عائلته كل مرة.

"حين آتي إلى الجزائر إذا لم أجد وقتا للذهاب إلى الجنوب، فإني آخذ السيارة إلى "القنطرة" ببسكرة، وأشم رائحة الصحراء لمدة ساعتين ثم أعود؛ والذي يثيرني هو ضوؤها وسماؤها، ولا توجد صحراء في العالم لون سمائها مثل صحرائنا، وقد عبّر عن هذا الجمال أكبر الرسامين وأكبر الرحالة".

المرحلة الجامعية باتنة-بومرداس:

 بعودة العائلة إلى باتنة سنة 1984م ، وتزامنا مع حصول جمال على الباكالوريا، سجل في جامعة بومرداس، لكونه  متمكنا من اللغة الانجليزية، فقد كان يحب تعلمها منذ الصّغر، واستثمر فرصة ذهبية لما كان يدرس في ثانوية الأمير عبد القادر "بتقرت"؛ وتتلمذ على يد أستاذ بريطاني من جامعة لندن.

كان تخصص الطالب جمال تقنيا، إلا أن له ميولا للأدب والفلسفة، فكان يدرس الأدب الفرنسي مع طلبة القسم النهائي (الباكالوريا) شعبة آداب.

"كان حُلمي قبل الجامعة أن أكون كاتبا، أو مـُخرجًا مسرحيًّا... ولم أفكر يوما أن أكون مثل ما أنا عليه اليوم.."

في بومرداس انضم إلى المعهد الالكتروني INELEC (Institut National d'électronique et de Génie Electrique)، وكانت له فرصة اللقاء والدراسة مع مختلف أطياف المجتمع الجزائري، هذه الفرصة مكّنت جمال من رفع كفاءته في اللغة الإنجليزية، والتداول في العديد من المواضيع كالسياسة وغيرها، كما أنه درَس شهرا في معهد IAP (L'Institut Algérien du Pétrole).

انتقل بعدها إلى جامعة باتنة وأمضى بها خمس سنوات في تخصص " الطاقة": من 1985م إلى 1990م، وكانت صعبة لعدم توفر الوسائل اللازمة كأجهزة الحاسوب، وانعدام التطبيق، لكن هذا لم يمنع جمال الطالب من النجاح والتفوق، وإبهار أساتذته في فرنسا –فيما بعد- الذين لم يستوعبوا فكرة نجاحه وامتيازه في هذا المجال من دون حواسيب تقوم بمحاكاة ما يدرسه نظريا.

 في 1988م أسّس البروفيسور في جامعة باتنة؛ ناديا ثقافيا أطلق عليه تسمية " Le Mequanou "، حيث يعمل هذا النادي على إصدار مجلة علمية دورية يشارك فيها جمال بمقالاته، وعمل النادي أيضا على تنظيم تكوينات وملتقيات مختلفة، في هذه الفترة كان جمال في عز نشاطه، يستغل وقته بين الدراسة والأنشطة العلمية والثقافية، وهذا النادي لا يزال ينشط في جامعة باتنة ضمن قسم الميكانيك إلى اليوم.

من أهم الطلبة الذين درسوا رفقة البروفيسور جمال:" بن موسى"، " كمال حركات"، وأقربهم إليه :" لزهر سرير"، و" كمال قجوج" وهو حاليا مهندس في دولة الإمارات ، و" بن دعاس شادولي" الذي درس معه في فرنسا –بعد ذلك- وأقام معه.

"لم نكن في المرحلة الجامعية نقتصر على الدراسة: لعبنا الرياضة، أسسنا ناد للسينما، نظمنا نشاطات ثقافية مختلفة، كانت عندنا مجلة نصدرها.."

من أبرز أساتذته في هذه المرحلة: الأستاذ "بوبكر زاوش"، و"فريد سالم" و"صالح دراجي"، وكذلك الفرنسي "Marc Haglind" الذي شجعه كثيرا على مواصلة دراسته في فرنسا.

أكمل الطالب جمال مرحلة الجامعة بسنواتها الخمس بصفة عادية، إلا العامين الأخيرين الذين تزامنا مع الأحداث التي عاشتها الجزائر سنة 1988م وما بعدها.

"حين سافرت للدراسة في الخارج، لم أحصل على منحة، وبعت أغلى ما أملك لأغطي نفقات السفر.."

التخصص وما بعد التدرّج:

في فرنســا:

انتقل البروفيسور جمال إلى فرنسا بحثا عن نفَس جديد وأفق أرحب، وفي هذا يروي قصة حدثت له مع أمه، فعندما كان في السابعة من عمره سألها: " هذه الطريقة التي نحيا بها صباحَ مساءَ، بغداء وعشاء ثم نوم واستيقاظ، هل هي الطريقة الوحيدة؟ ألا يوجد شيء آخر غير ذلك نفعله؟ أجابته أمه: لا . . بل يوجد شيء آخر عليك أن تبحث عنه.

"البحث عن شيء آخر" كانت العبارة التي قادته بعد ذلك إلى فرنسا، وهو في الثالثة والعشرين من عمره، مباشرة بعد إكمال دراسته في باتنة محملاً بالزاد المعرفي؛ ومفعمًا بحب الوطن؛ مصحوبًا برضا والديه.

 لا أحد يمكنه أن ينشأ ويتكون منفردا، ... مع بيئته، وعائلته، وأصدقائه،... تتشكل شخصيته، ويكسب التوازن الضروري للحياة..."

في مدينة نانت انتسب جمال إلى المدرسة المرموقة "المدرسة المركزية نانت" ، لكن بعد اجتياز امتحان استدراكي خاص بالطلبة غير المنتسبين للمدرسة، للالتحاق بزمرة الطلبة النجباء.

كانت سنته الأولى في المدرسة صعبة، ولكن رغم ذلك حاز على الماجستير في تخصص ميكانيك الموائع سنة 1991. ثم تحصّل على شهادة الدكتوراه في شهر ديسمبر سنة 1994 من ذات المؤسسة.

ومن هنا كانت بداية الرحلة...

 لاحظ القائمون على "المدرسة المركزية نانت" في ملف جمال الدراسي، أن بحثه في الماجستير كان حول محاكاة إلكترونية "simulation numérique"؛ وهي عبارة عن مجموعة من الخوارزميات ضمن ما يسمى بالرياضيات التطبيقية " math appliqué "، كانت نظرية فقط، وهذا لعدم توفر كمبيوتر يقوم بهاتة العمليات التطبيقية ومحاكاتها، وهذا ما أثار حيرة القائمين على المدرسة؛ كيف استطاع الطالب جمال القيام بهذا الأمر من دون حاسوب، وقد كان ذلك سببا في حصوله على منحة الدولة الفرنسية للقيام  بأطروحته في الدكتوراه خلال الثلاث سنوات القادمة، وبعدها تهاطلت عليه العروض من عدّة جامعات مختلفة.

في ألمانيا :

في الفترة الممتدة ما بين 1995 و1997، تحصل الطالب على منحة من المفوضية الأوروبية؛ للدراسة والبحث في ألمانيا، حيث انتسب إلى واحد من خيرة مخابرها، وهو مخبر جامعة كارلسروه Karlsruhe - أين يقوم الجيش الألماني بتجاربه على ما يسمى بـــ: " La turbidité".

خلال هاته المرحلة حصل تغير آخر، بحصوله على منحة جديدةdfk bourse-  -  سمحت له بالتنقل في ألمانيا للبحث، فانتقل إلى الجامعة التقنية ببرلين أين أجرى أبحاثًا على: angene maritime- -  فأمضى فيها 4 سنوات في البحث. لكن وبسبب إصابته بمرض الرّبو اضطر للمغادرة والبحث عن مدينة أخرى يكون فيها الهواء نقيًا وعليلاً، فكانت الوجهة هذه المرة إلى سويسرا التي استقر فيها إلى غاية اليوم.

في سويسرا:

المدرسة المتعددة التقنيات بزيوريخ ETH-ZURICH:

كانت المدرسة المتعددة التقنيات فرصة للباحث جمال لاختبار أفكاره؛ فبخلفيته الكلاسيكية في ميكانيك الموائع كان عليه أن يبرهن لأصحاب التوجه الجديد والذي يعتمد على الفيزياء الحديثة -باعتبار أنها نجحت في الصناعات والبحوث الحربية، والديناميكا الهوائية-،  أن ما يؤمن به يمكن أن يحقق نتائج مهمة أيضا. وقد برهن الزمن بعد ذلك على قوة أفكاره والفريق الذي كونه، حيث قاموا بتجارب واكتشفوا أمورا جديدة في علاقة ميكانيك الموائع بـ: "ميدان الطاقة: البترول، الطاقة النووية، الموائع المجهرية".

العطاء في ظلّ المغامرة:

شركة  ASCOMP

في سنة 2004 تعين عليه اختيار مكان يستقر فيه بعد كثرة التنقلات، فتلقى عروضًا من عدة جهات فرنسية، وسويسرية، إلى أن المدرسة المتعددة التقنيات بزيوريخ ETH-ZURICH  قدّمت له عرضا آخر يتمثل في خيارين: إما الانتساب إليها كأستاذ أكاديمي، أو مواصلة البحث و تأسيس المشاريع، ومن هنا بدأت قصة شركة  ASCOMP والتي كانت أساسا مخبرا في المدرسة المتعددة التقنيات بزيوريخ ETH - ZURICH، وتحوّلت بعد ذلك إلى شركة تشتغل في  مجال البحوث التطبيقية، تهتم بالبحث وتطوير منتجات ديناميكا الموائع الحسابية TransAT CFD Suit..

طور البروفيسور جمال الشركة إلى أن وصلت إلى مرحلة توجّب عليه نقل ملكيتها إلى طرف آخر، فتحولت من شركة صغيرة إلى شركة ذات حجم كبير لها أبعاد عالمية، وهذا كله في ظرف قياسي مدته 13 سنة، وأصبحت ASCOMP  جزء من الشركة العالمية المتعددة الجنسيات Pöyry.

فكرة برنامج الحساب: 

"برنامج الحساب" هو برنامج يقوم بمحاكاة حساب نواتج كميات كبيرة من خلط موائع مختلفة: الماء، البخار، أنواع من الزيوت، فيقدم لنا نواتج لا يمكن لنا معرفة كيفية استخراجها بطرق اعتيادية.

فكرة البرنامج تقوم على إجراء محاكاة إلكترونية؛ باستخدام عينة صغيرة، للحصول على نتائج دقيقة منها، ثم تضخيم هذه العينة ومحاولة قياسها بعينات أكبر منها، ثم استخراج العديد من الأنواع و"السيناريوهات"، لمعرفة ما يحدث من تغيرات وتطورات، وهذا هو التخصص الدقيق للدكتور جمال ولا يزال مستمرا في تطويره.

هذا البرنامج تعمل عليه شركات مختلفة: سويسرية وعالمية و جزائرية أيضا، مثل: شركة total الفرنسية، BP البريطانية، شركات الغاز والطاقة النووية.

وقد شارك الدكتور جمال في دراسة تقييم تأثير الخسائر، بعد حادث انفجار محطة انتاج النفط في خليج المكسيك سنة 2010، -أكبر كارثة بيئية تسبب فيها الإنسان في الحياة المائية-، فكان طرفا محققا في هذه الكارثة.

وفي جوابه عن سؤال كيف يمكن لجزائري أن يكون جزءا من المحققين الأمريكيين ضد شركة BP؟ أجاب: بأن الغرب لا يهمه لونك أو عرقك أو دينك، بقدر ما تهمه كفاءتك.

علاقته بوالديه ..:

تعلم البروفيسور جمال من والديه الكثير، فزيادة على تعلمه الحساب على يد والده "عبد المجيد" والكتابة الفرنسية الجميلة من والدته "زهرة" وحب المطالعة وشغف التعلم منهما معا، كانت والدته الموجه والمرشد والمشجع في مسيرته. عندما أقامت معه مدة عامين بين سويسرا وفرنسا حين اشتد عليها المرض، يذكر عن والدته أنها كانت تسمي له الأشجار بتفصيل دقيق، وهي تسير في شوارع باريس، واحدة واحدة، وتقول: "هذه كانت عندنا في سريانة...". بل ويذكر أنها أثرت فيه حين كانت في باريس تداوي من السرطان.. "وشاهدنا على التلفاز مركبة فضائية، فقالت: غريب أمركم أيها العلماء، استطعتم أن تخرجوا من الأرض بمركبتكم، ولا تقدرون أن تعالجوا فيروسا صغيرا في جسم إنسان (السرطان)!".

ويعتبر جمال أن فقد والدته بوفاتها، هو فقد لجزء كبير من ذاكرته، ويذكر بتأثر: "قالت لي أمي: أنا أعرف أنها خاتمتي، ولكن أتمنى يوما ما أن أرى أين تصل؟ ولي انطباع اليوم أنَّ العلاقة لم تنقطع، وأنَّ روحها ترفل وتحلِّق حولنا..."

ويرى أن مرض والده صعب عليه... ويقول: "لعلنا فرطنا في أمور كثيرة... والوطن يعاني من مستشفياته... صحتنا مريضة... نحن أقل من المعايير بكثير..."

" موت الوالدة ثقيل على الناس كلهم، بلا استثناء... وحين وفاة الوالدة يفقد الابن قطعة من ذاكرته، وجزء من حياته هو... بعض من ذاكرتك، وبعض من حياتك، ليس بين يديك، هي بين يدي أمك...

خبرته المهنية:

" أعتقد أنَّ التدريس واجب مدى الحياة، قبل أن يكون وظيفا ينتهي بالتقاعد؛

ولذا لم أتوقف عن التدريس أبدا..."

يعمل حاليا ومنذ 2018 مع شركة هندسة -Pöyry-  أين يشغل منصب مدير أعمالها، وهذه الشركة ضمت إليها ASCOMP  التي أسسها البروفيسور جمال لكحل  .

 

إلى جانب ذلك بقي البروفيسور جمال أستاذًا مساعدا في المدرسة المتعددة التقنيات بزيوريخ ETH-ZURICH ، وإلى يومنا هذا، بالإضافة الى عمله أستاذا زائرا وباحثا في عدد من الجامعات الدولية منها: المدرسة الوطنية العليا بباريسENS، معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT بالولايات المتحدة الأمريكية.

 أول أعماله كانت في مسقط رأسه "باتنة" قبل 30 سنة، وهي مشروع "محرك نفاث" "réacteur avion"، ثم تلاه العمل على مشاريع "أبحاث في ديناميكا المدينة" " aerodynamic urban" ، ومشروع تنقية المياه، ثم الهندسة الكميائية "chemical engineering" ، والأجهزة الطبية "medical devices"، وكذلك التطبيقات الأمنية في حقول الطاقة النووية، البترول، الغاز، كل هاته المشاريع رغم اختلاف مجالاتها؛ إلا أنها تشترك في تدخل ميكانيك الموائع فيها.

في المدّة ما بين 1997و1998 عمل بالتعاون مع البروفيسور F.Thiele باحثا مساعدا في معهد مكانيكا السوائل ببرلين، وفي سنة 1998 أشرف البروفيسور جمال على فريق بحث، وكان محاضرا أساسيا بمعهد تكنولوجيا الطاقة التابع لـ ETH زوريخ.

في شهر جوان سنة 2004، تحصّل الدكتور جمال على درجة التأهيل الفرنسية من المدرسة المركزية لليون، وكذلك من جامعة العلوم والتكنولوجيا  ETH بزوريخ.

شغل الدكتور جمال منصب المدير التنفيذي للفرع السويسري لشركة ASCOMP AG   هذا إلى جانب مزاولته لبحوثه العلمية بجامعة MIT ، بالولايات المتحدة الأمريكية، وإلى جانب شغله منصب أستاذ مساعد بجامعة العلوم والتكنولوجيا  ETH بزوريخ سويسرا.

" لدينا بحوث وعمل متواصل عالميا حول التصحر، وحول ما يهدد الغابات،

وحول انجراف التربة من السدود...."

كما شغل منصب "أستاذ زائر" في العديد من الجامعات، من بينها: معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، المعهد الملكي للتكنولوجيا في ستوكهولم، جامعة كاليفورنيا سانتا باربرا، المدرسة العليا العادية بباريس، وجامعة لندن الامبريالية. ويعدّ الدكتور جمال المسؤول على تقييم المشاريع البحثية الخاصة بالمديرية العامة للطاقة التابعة للاتحاد الأوروبي، والمشاريع البحثية الخاصة بوزارة الطاقة الأمريكية.

نشر الدكتور جمال حوالي 100 ورقة بحثية في مجلاّت علمية ودراسات متخصصة. وأكثر من 120 ورقة علمية في مجالات عديدة لها صلة بآليات الموائع والتوصيل الحراري.

قام بمتابعة 47 مشروع استشارة من كل أنحاء العالم عبر شركتي ASCOMP، وبقيمة تبلغ 14 مليون دولار أمريكي، في مجالات عديدة منها:

  • النفط والغاز.
  • أنظمة الطاقة.
  • الهندسة البيئية، هندسة العمليات.

تمويل البحوث الدولية:

قام بجمع تمويلات بحوث لـ 22 مشروع بحث دولي لشركته فقط، وحوالي 8 مشاريع أخرى في فترة وجوده بجامعة ETH  بزوريخ سويسرا. والجهات الممولة تتضمّن:

  • EU Brussels
  • DOE USA
  • CTI ∕ KTI Switzerland
  • COST
  • وأخرى...

سجل مسيرة عشر سنوات

آخر عشر سنوات له من البحث كانت في ASCOMP (التي أسّسها).

جامعة MIT (الفترة من 2004 إلى 2017 ومن 2011 إلى 2017) كانت امتدادا لبحوثه السابقة المنجزة بجامعةETH  بزوريخ سويسرا (في الفترة من 1998 إلى 2004)، والتي كانت تتمحور حول التدفقات المتعددة الأطوار الأساسية. ولقد لُخِّصَ سجله في المنشورات البحثية من طرف محرك البحث Google-citation بـ:

  • H factor  (مؤشر قياس كل من الإنتاجية والتأثير الانتشاري للمنشورات)=38
  • i10 factor (عدد المنشورات بإجمالي 10 اقتباسات على الأقل) =70 
  • Total citations (العدد الإجمالي للاقتباسات من أوراق الباحث) ~ 4217

لقد توسع وتعمق في دراسة جوانب عدّة للتدفقات المتعددة الأطوار، تتنوع من القطرات والفقاعات وصولا إلى الأسطح والأخلاط، كما أن دراساته تضمنت الحمل الحراري وتغيّر الأطوار. ولقد طبّقت هذه العوامل لإشكاليات السوائل في مجالات متنوعة، كمجال أنظمة الطاقة، مجال المسارات ومجال البيئة.

في العقد الأخير قام بتمديد تقنية LES (التي كان رائدا في تطويرها سنة 2002 باستعمال مقاربة "متوسط الطور") إلى تدفق مضطرب للغاز السائل وتدفقات بينية، ومؤخرا باستعمال مقاربة الخليط (قام بتمديد التقنية) إلى تدفقات الحمل الحراري الغلياني.

استعملت بيانات DNS الخاصة به، والمتعلقة "بالتدفقات البينية ضد التيار" لتطوير نماذج لمعالجة الاضطرابات في الأسطح المنفصمة، ولنقل الكتل البينية. كما طور _بالتعاون مع P. Liovic_ نموذج لمقياس الشبكة الفرعية للتوترات غير المحلولة في سياق تتبع الأسطح.

 

" في مسيرتي العلمية لست محصورا في تخصص علمي بعينه، ولكني أتنقل بين العلوم، حسب الحاجة التي تفرضها اهتماماتي واكتشافاتي... ولكن الخيط الناظم لكل أبحاثي هو:

ميكانيك الموائع .."

طوّر البروفيسور جمال زاوية اتصال حيوية لحساب التباطؤ في العديد من تطبيقات الموائع الدقيقة. كما قام فريقه بتمديد مقاربة "خليط الطور N" إلى أوضاع مختلفة من التدفقات القابلة للضغط، وعمد إلى دمجها مع نموذج معادلة التوازن السكاني.

قام بتطوير نموذج فريد لتشكيل الهيدرات وتثبيتها بالجدران لمعالجة مشاكل ضمان التدفق تحت سطح البحر. (الباحثان: لكحل، والكندي J. Chem. لغة البحث: الانجليزية، السنة: 2013).

حقق إنجازا في تطوير منتج يتجلى في نظام CFD للتدفقات متعددة الأقطاب الذي طوّره عبر TransAT، والذي يستعمل بكثرة من طرف الفرق البحثية. لقد تمّ اختياره للانضمام _كخبير في مجال التدفقات متعددة الأقطاب_ إلى فريق المقاضاة الخاص بقضية تسرّب النفط الواقع في خليج المكسيك، حيث يتشكل أطراف القضية من الحكومة الأمريكية وشركة BP.

في العشر سنوات الأخيرة، تمّ تمويل 16 بحثا من بحوثه بنجاح، وتعددت الجهات المانحة بين سويسرية، أوروبية وأمريكية. كما تعدّ ASCOMP واحدة من الهيئات القليلة غير الأمريكية التي تم تمويلها من طرف وزارة الطاقة الأمريكية  US DOE.

أخيرا، قام بإنشاء مؤسسة ناجحة في مجال البحث والتطوير ومقرها في سويسرا والولايات المتحدة الأمريكية، وتهتم بتطوير «TransAT Multiphase» واستعماله في مشاريع خدماتية في قطاعات مختلفة. والشركة ذات التمويل الذاتي ASCOMP تحتضن حاليا ما يقارب 15 باحثا ومهندسا في مستوى الدكتوراه، مع معدّل رأس مال سنوي يبلغ 1.5 مليون يورو. كما تحتضن المؤسسة  -بصفة منتظمة- طلبة بكالوريوس وطلبة ماجستير من جامعة ETH بزوريخ.

تجربته في مؤسسة ASCOMP ساعدته في الحصول على مهارات جدّ متميزة في مجال التسيير والقيادة، وذلك بفضل تشكيل وبناء شبكة واسعة من المتعاونين، في كلا المجالين الأكاديمي والصناعي

" كل ما أفعله وأبحث فيه، هو ضمن مجموع، ولا أعمل لوحدي، فأنا أتعلم من الفريق، وأمدُّ ما عندي...

لا أحد يمكنه أن يدّعي أنه أنجز عملا مهمًّا لوحده، وإنما هو مجرد حلقةٍ في سلسلة بدأها آخرون، وسيتمُّها آخرون... وهكذا يتحقق الإنجاز العلمي والحضاري..."

يؤمن البروفيسور بضرورة تشارك المعلومات مع المختصين، وهي السمة الأبرز في كل الميادين التي يعمل فيها.

" السخاء ليس أن نمدَّ الناس ببعض المال، ولكن أن نعطي أغلى ما نملك لكل من نلتقي بهم، وأن نكون مثل المعلم: يعطي ولا يسأل على عطائه أجرا. ولقد التقيت بكثير ممن سخا عليَّ، فوجب أن أسخو على غيري؛ ومن يتكرم على غيره يجد من يتكرم عليه.

وجدت أسخياء من كل الديانات والأجناس والثقافات..."

آخر أعماله التي قام بها جمال هي مشروع تحويل الخشب الى ورق مع مجموعة Pöyry. إضافة إلى عمله في ميدان دراسة انجرافات التربة بعد حوادث حصلت في سدود المياه في أمريكا اللاتينية، ضف إلى ذلك ظهور مشكلة تغيّر درجات الحرارة مع وجود انهيارات ثلجية أثّرت سلبا على السدود، فتولدت فرضية خروج المياه من السد والمسببة في انجراف التربة، وهنا يأتي عمل البروفيسور جمال في القيام بمحاكاة لهاته الفرضية برمجيا.

 

كما قام البروفيسور جمال بأعمال بالشراكة مع الجامعات الجزائرية، بتقديم محاضرات علميّة، ولقاءات عديدة مع الأساتذة والدكاترة، ويشير الدكتور جمال: "إذا أردنا أن نقدّم إضافة للعلم فعلى الباحث والأستاذ والطالب التحلي بالصبر والتواضع والتحلي بتقنيات التّواصل والإنصات، و إذا كان هناك شيء يجب إصلاحه فيجب إصلاح المنظومة التعليمية في جميع أطوارها وبالخصوص الأولى منها، ويجب تخصيص نصف ميزانية التعليم للمستويين التحضيري والابتدائي، وهذا بجلب خبراء في المجال، لتكوين جيل من المدرّسين تتوفر فيهم معايير الكفاءة لتربية جيل صالح، فالهدف ليس إعداد منشآت وبنايات دراسية بأحدث المعايير فحسب، وإنما تكوين جيل ذو تربية عالية وكفاءة علمية. ولحل مشكل قلّة التواصل التي يعاني منها الجزائريون علينا بحسن الإنصات، فإننا عندما نحسن الإنصات .. سنحسن الكلام بالتبع".

أهم التحديات في حياته:

" البحث العلمي ينعرج بسرعة إلى اتجاهات جديدة، لعلها من حظ أجيال أخرى،

وليست من حظنا... لا يهم..."

" الجزائر ليست مطالبة بصناعة السيارات أو الطائرات، وإنما عليها أن تحرك آلاف العقول من أبنائها في تأسيس حركية في علوم المعلومات، وبذلك يمكننا أن نؤثر في العالم.

وقد خسرنا الرهان في هذا المنعرج..."

 

أطلق  الرئيس الأمريكي أوباما عام 2011م مجموعة من المشاريع الثورية في جميع المجالات، منها قطاع الطاقة النووية وذلك بإنشاء محطة للطاقة النووية الحرارية (thermohydraulique centrale nucléaire).

وقد طلب معهد ماساتشوستس للتكنولوجياMIT من الدكتور جمال وفريقه المساعدة للفوز بهذا المشروع، فبمقدورهم ذلك من خلال نظريات وأعمال شركتهم "ASCOMP". وبالمقابل كان هناك تحدٍّ يتمثل في أن الدكتور جمال لا يملك إقامة بالولايات المتحدة الأمريكية، فقدّموا له مخبرا لأجل ذلك، وبالفعل فازت MIT بالمشروع وهو عبارة عن تمويل لمجموعة من الأبحاث قيمتها 800 مليون دولار أمريكي، وقد كان الدكتور جمال الوحيد الذي قدّمت له منحة للبحث في مشروع وطني أمريكي لغير المقيم فيها، بحكم أن شركة "ASCOMP" مسجلة في سويسرا، فانطلق المشروع وبدأ الفريق في إعداد الأبحاث والفرضيات وإخضاعها للمحاكاة الافتراضية التي تحتاج إلى وقت طويل، وأجهزة متطورة عالية الدقة "الحواسيب عالية الكفاءة –supercomputer-  لتكشف عن نتائج المحاكاة، فكان البروفيسور جمال ينتقل ذهابا وإيابا بين سويسرا وأمريكا.

في منتصف المرحلة تدخلت المفوضية الأوروبية التي قامت معه بحوالي 25 بحث، حيث طلبت منه القيام بأبحاث في نفس المجال الذي قام به مع الولايات المتحدة الامريكية، فكان لهم ما أرادوا أين انطلق معهم في مجموعة من الأبحاث من خلال المحطة الفضائية الأوربية –ESA-  وهذا بإجراء محاكاة افتراضية لما يحدث للموائع التي تستعمل للتبريد داخل الأنابيب في المحطة الفضائية الأوروبية، وتوصلوا إلى نتائج و ظواهر لم تكن في الحسبان، قاموا بنشرها؛ فحققت شهرة واسعة.

علاقته بالوطن:

علاقته بالجزائر هي علاقة حب حيث يقوم بزيارة وطنه بمعدل 6 مرات في السنة، زياراته تدوم 3 أيام على الأقل للعمل ولقاء العائلة والأحبة، زياراته للجزائر –كما يعبر عن نفسه- مثل شحن بطارية الحاسوب، "زرت العديد من المدن في العالم و رأيت صحاري أستراليا، وأمريكا ولكن قطعا صحراء الجزائر لها مذاق خاص".

" نظام السقي بالفقارة في صحرائنا (تيميمون)، إلى اليوم لا نعرف ما هي الميكانيكا التي تهندسها... لا تزال سرا لم يكشف بعدُ، وهذا أمر عظيمٌ..."

" في بعض الأبحاث التي أجريناها أحيانا تبرز نتائج غير متوقعة، وتكون مهمة للغاية، وقد وقع لنا ذلك مثلا، في حركة الموائع في الفضاء، مع الوكالة الأمريكية للفضاء، عن طريق المحاكاة. وكانت الاكتشافات هي التي ظهرت واشتهرت أكثر عالميا..."

يقول الدكتور جمال عن كيفية تغيير الواقع الجزائري: "تناقشت مع علماء ومثقفين عن كيفية تغيير واقعنا، ولاحظنا أن إلقاء أي مبادرة لا تُصْدر صدى حالها كحال الثقب الأسود، يبدو لي أن الجزائري لديه عقلية ترفض كل ما هو قادم من الخارج حتى لو قدمه جزائري مقيم في الخارج، وأرى أيضا أن الجزائري لديه نظام واضح في التغيير، كما يوجد في الجزائر أشخاص يعملون وبجد، لكن هذا الجهد ليس موجه وهو ما يعرف برأسمالية الجهود، وتوجيهها توجيها صحيحا، ناهيك عن المعرفة الخاصة، وكلما زرت منطقة من العالم إلا وأجد فيها جزائريا يعمل ويقدم إضافة نوعيّة، وأتأسف وأقول لماذا لم يستطع بلدي الجزائر استقطاب مثل هذه الكفاءات من أبنائه في الخارج ويستثمر فيهم؟".

التغيير يستوجب إعداد أرضية له، فالعالم لا يستطيع القيام بكل شيء لوحده، ومن الطريف أن تجد الجزائري لديه المعرفة عن كل شيء ولا يعمل أي شيء.

للقيام بالفعل "Action" هناك مجموعة من المتطلبات والقواعد الواجب توفيرها لأجل ذلك، منها تحديد الهدف من العمل، أي إذا كنا سنقوم بشيء فلابد أن تكون فيه فائدة.

علينا إتقان اللغات الأخرى مهما كانت وبخاصة الحية منها، فهي وسيلة للعلم وليست غاية في حد ذاتها.

البحث العلمي يجب أن يتم عبر عمل جماعي وببعد دولي، ولكن في الجزائر نقوم بالبحوث من دون الاستعانة بكفاءات أجنبية، مما يتسبب في دفع فواتير ضخمة نظير أخطائنا في التسيير، فلو تم استثمار ميزانيات بسيطة لإعادة هيكلة صحيحة للمدرسة، بالإضافة إلى هيكلة مراكز للتكوين المهني وبالشراكة مع الأجانب لحققنا قفزة نوعية.

 دائما أقول لزملائي الباحثين في أوروبا يجب علينا قول الحق والصدح به، لأن الله سوف يحاسبنا على كل كلمة يجب أن تقال أولم تُقل.

يعتبر البروفيسور أن الهند مثال عن التقدم والتغيير الثّوري إلى الأفضل، فمن الفقر والعدم، إلى دولة سائرة في طريق النمو، ويرى أن الجزائر أخفقت من حيث نجحت الهند في استثمار العقل البشري، حيث تمكنت الهند من السيطرة على عالم التقنية ما جعل منها قوة عظمى.

يقول البروفيسور عن مرحلته الجامعية: أنها تميزت بالثراء والتنوع فلم تكن محصورة فقط في التعليم الجامعي، بل تخللتها رياضة وأنشطة ثقافية، حيث كان لاعب كرة يد، وأيضا كان ينتمي إلى النوادي كـ "نادي سنيما باتنة".

يروي البروفيسور ما فعله حين قرر الذهاب لإكمال دراسته في الخارج، حيث باع بعضا من أغراضه وممتلكاته الخاصة، كون البروفيسور لم يحتل مرتبة مؤهلة ليفوز بمنحة الدراسة في الخارج

" أهم سؤال أطرحه هو: لماذا سافرت إلى الخارج؟ الجواب: غادرت فقط لأكون حرًّا، كنت أبحث عن الحرية ولا شيء غير الحرية، أردت أن أكون حرا لأفكر، لأنقد، لأكتب، لأتعلم... للأسف فقدنا الحرية في بلدنا الجزائر... أنا لم أهرب، ولم أذهب لأكسب المال..."

في موضوع التواصل بين أقرانه أشار إلى أنه –وبشهادتهم- كان دائم التواصل بهم؛ وهذا بإرسال الرسائل البريدية قديما واستعمال الوسائل الحديثة حاليا، استطرد البروفيسور في موضوع التواصل حيث أشار إلى أنّ أغلى شيء تملكه الجزائر هو العلاقات الاجتماعية التي يفقدها الغرب، حتى لو ادّعى أنه أنشأ مجتمعا افتراضيا ولكن يبقى في النهاية مجتمعا وهميا، أما الجزائر فشعبها اجتماعي بالفطرة بالرغم من أن المدنية الحديثة بدأت تقتله ببطء، على عكس ما هو موجود في الصحراء أين نجد المظاهر الاجتماعية جليّة واضحة، وهذا هو السبب الجوهري لحبي للصحراء.

" أغنى ما تملك الجزائر: جانبها الاجتماعي، العلاقات الاجتماعية، روح الأخوة بين الناس...  لدينا غنى وثروة اجتماعية كبيرة لكنها بدأت مخاطر كثيرة تهددها... والعالم الغربي يعاني من هذا الجانب بالذات... جانبه الاجتماعي.."

نشاطاته وهواياته:

من الشخصيات التي تأثر بها في صغره، الفنانون الذين كان يحب مصاحبتهم كثيرا، مثل الفنان "نواري نزار"، وأصدقائه " فريد شعشوع" و" يحي عبد المالك" و "جاب الله بلاخ"، و" بوغرارة عبد العالي" رحمه الله.

" أشغل وقتا كبيرا في زيارة متاحف الرسامين، والفنانين... كلما سافرت إلى بلد... في برلين مثلا، مع برودة تبلغ ناقص عشرين، كنت أخرج لزيارة الأروقة الفنية، والمتاحف الصغيرة والكبيرة.."

وعندما عاد إلى باتنة ليدرس بالجامعة سنة 1985 انضم لـ"جمعية أصدقاء الفن والثقافة"، ونظم معهم أول مهرجان للموسيقى الشاوية ما بين 1986 و 1987 في "دارالثقافة"، وله فيها أصدقاء كثر، مثل " لزهر الحاج الطيب" و " ورشيد حماتو".

افتتح البروفيسور مع أصدقائه الجامعيين فرعا لنشاط السينماتيك في جامعة باتنة، وكانوا يقومون بمختلف الأنشطة مثل مناقشة بعض الأفلام والأشرطة.

كما أنه لعب كرة اليد مع فريق " مولودية باتنة" في صنف الأواسط. ثم صنف الأكابر مع فريق جامعة باتنة، الذي كان يلعب في القسم الوطني الثاني لمدة ثلاث سنوات.

" أنا أعشق المأكولات التقليدية الجزائرية... وأنا أطبخها بنفسي... وهذا يمتعني... ويمتع أبنائي... هذا من الفن ومن الذوق... وكنت أحيانا أطبخ متصلا بالهاتف بالوالدة لتريني ماذا أفعل؟.."

بعض من مقولاته

  • أنا لا أعتبر نفسي عالما؛ ولكنني مجرد باحث لديه بعض الخصوصية في مسيرته العلمية والعملية.
  • الثقافة والفن والقراءة ثلاثة مفردات متلاصقة...
  • حتى لو تمتعتُ ببعض مباهج الحياة، فإنني دائما أضع حدودا، وألتزم بها، ولا أتجاوزها...
  • التوازن هو السمة البارزة لجمال: هو عنصر التوازن عائليا، بين أصدقائه، في عمله... ولعلَّ الخوف من الانفلات جعلني أبحث دائما عن نقطة التوازن...
  • الأخلاق، الثقة في النفس، النظام، احترام الآخر، شيء من المغامرة، وبعض الفرص القدرية في الحياة، وتقاطع العلاقات، والعطاء... هذه هي الكلمات المفتاحية لتحقيق النجاح في البحث العلمي
  • يجب أن يكون التواضع هو الصفة البارزة في المشتغل بالعلم، وبالبحث العلمي.

بعض المصطلحات:

mécanique des fluide ميكانيك الموائع: يعتبر علم الميكانيك قاعدة في علم الهندسة، مثلما يعمل المتخصصون في مجال العمران بقواعد الميكانيك للمواد الصلبة، كذلك توجد قواعد لمكانيك المواد السائلة والمائعة كالمياه والغازات..، أضف إلى ذلك فإنه في مجال ميكانيك الموائع استعمالات في عديد من المجالات المختلفة، كالأحوال الجوية .. حيث تقوم على برامج مبنية بتطبيقات ميكانيك الموائع للتنبؤ بحالة الطقس، وفي الوقت المعاصر ساعدت كثيرا ميكانيك الموائع في التطور العلمي والتكنولوجي.

Big data: مؤخرا ظهر تغير جديد وسريع في ميدان تخصص البروفيسور جمال مما استوجب إنشاء بنك من المعلومات خصوصا في مجال ميكانيك الموائع: "سناريوهات، معلومات.." وهذا بتخزينها لغرض دراسة التغيرات التي حدثت في الماضي والتنبؤ بما سوف يحدث في المستقبل.

Data analytic: وهي تحليل البيانات واستخراج التّنبؤات.