الاسم: نشيدة
اللقب: قصباجي مرزوق
تاريخ ومكان الميلاد: 19 نوفمبر 1958م بالجزائر العاصمة.
" إن تمكّنت من تحقيق نجاح فإنه بفضل اللّه أولاً وبفضل عائلتي وجميع الباحثين الذين ساهموا معي في تحقيق إنجازات... ببساطة" النجاح عمل جماعي".
النشأة والطفولة:
ولدت الدكتورة قصباجي نشيدة في التّاسع عشر من شهر نوفمبر عام 1958م في حي عميروش بالعاصمة، وهي في العائلة البنت الرابعة في ترتيب الإناث.
نشأت الباحثة قصباجي في عائلة بسيطة متواضعة، أهم ما ميّز طفولتها الصرامة والجدية التي كانت تنتهجها أمها في تربيتها وإخوتها الأربعة (سجية وسمية ووسيلة، وكمال محمد) حيث كانت لا تسمح لهم باللعب خارج البيت إلا نادراً، وكانت -بالمقابل-تحفزهم على الاهتمام بدراستهم، وكانت خير معين لهم للتفوق والتميّز فيها.
"من المواقف التي تتذكرها نشيدة مع أمها؛ تعليمها وإخوتها الِحرف اليدوية في أوقات الفراغ، كالكروشيه «croché» والطرز اليدوي «brodrie»؛ وكان لذلك أثر كبير في تكوينهم".
ولدت أم نشيدة في سنة 1919م بالقصبة، ولم تلتحق في صغرها بالمدرسة بعد رفض عائلتها للفكرة؛ وذلك لخصوصية تلك الفترة الاستعمارية الشديدة على الشعب الجزائري، ومع ذلك استطاعت تتبع الأخبار الوطنية والدولية عن طريق المجلات التي كانت تصدر باللغة العربية.
وقد عوّضت الأم شغفها للتعلّم بالاهتمام بأبنائها والوقوف معهم في التحصيل العلمي ومرافقتهم في مشوارهم الدراسي بتشجيعهم وتحفيزهم.
من حُنوّ أبيها عليها لا تزال نشيدة تحس بأنامله وهو يداعب شعرها الطويل عندما كانت في صغرها تضع رأسها على ركبتيه وهو يطالع أو يشاهد التلفاز.
ترى نشيدة في أمها تلك الفنانة صاحبة اللمسات السحرية؛ فقد كانت تخيط لهم ملابسهم اليومية والملابس الخاصة بالمناسبات بتصميم فريد ومختلف عما يوجد في المحلات، فكان الجيران يعتبرونهم من الطبقة الراقية لأناقة ملابسهم.
نشأتها بين إخوة أكبر منها ساهم في جدّيتها في التحصيل العلمي، فقد زرعوا فيها بصرامتهم في طلب العلم حب الدراسة والاستكشاف، وكانت كثيرة الفضول والسؤال عن دراستهم، وتمكنت من تعلم اللغة الفرنسية وهي في سن صغير.
«ترعرعتُ في مجتمع متكاتف ومتآزر، رغم الظروف القاسية والهمجية الاستعمارية؛ فقد كان الجيران يسألون عن أحوال بعضهم، ويتقاسمون الرغيف الواحد، ويتعاونون في حل مشاكل بعضهم.. وهذا عكس ما نحن عليه اليوم -إلا ما شذّ- فقد تمرّ الأعوام ولا يعرف الجار عن جاره شيئا من أحواله وهمومه، وربما كل ما يقولانه لبعضهما التحية العابرة، لا غير».
"مما علق في ذهني من طفولتي أنه في ليالي رمضان وعند ذهاب الأولياء إلى المساجد، يجتمع الصغار في أحد بيوت الجيران في العمارة، يقضون الوقت في إلقاء المدائح والأناشيد إلى غاية رجوع الأولياء إلى المنزل".
مرحلة التعليم الابتدائي والمتوسط:
كانت بداية التعلّم سنة 1964م في مدرسة «عميروش للبنات» بحسين داي، ورغم إصرارها الدخول للمدرسة في سن الخامسة إلا أن نقص المدراس والأماكن بسبب النزوح الريفي بعد الاستقلال أرغمها على الدخول في سن السادسة من عمرها، فكان الانتظار بمثابة «عذاب» كما تصفه.
وبفضل اجتهادها وتفوقها تمكنت من الانتقال من السنة الثانية إلى السنة الرابعة ابتدائي مباشرة، ثم واصلت الدراسة إلى غاية السنة السادسة، لكنها لم تتمكن من الانتقال إلى مرحلة التكميلي، رغم اجتيازها لامتحان نهاية التعليم الابتدائي؛ وذلك بسبب اكتظاظ مقاعد الدراسة وأيضا لصغر سنها، فالكثير من التلميذات كن يتحصلن على شهادة التعليم الابتدائي، وشهادة نهاية الدراسة «certificat d’études» التي تساعدهم في الانتقال إلى مرحلة التكميلي.
من معلميها الذين أعجبت بهم في السنة السادسة تذكر: أستاذة مصرية درّستها وزميلاتها اللغة العربية والإعراب فأصبحن يعربن أيّ نص من بدايته إلى نهايته. وأما من زملائها فتذكر خالدي صليحة، جارتها التي كانت من صديقاتها المقربات.
أعادت نشيدة السنة السادسة لتتحصل بعدها على الشّهادة الابتدائيّة عام 1971م. وقبل انضمامها للمرحلة المتوسطة مُنحت حقّ اختيار لغة الدراسة بين اللغة العربية أو الفرنسية؛ فكان الاختيار الطبيعي بسبب الانتماء والاعتزاز يرجح كفة اللغة العربية، فزاولت تعلّمها في ثانوية عائشة أم المؤمنين بحسين داي بالعاصمة والتي كانت تضم مرحلتي المتوسط والثانوي، ودرست لمدة أربع سنوات، وتتلمذت على يد أساتذة من المشرق العربي في مختلف الموادّ التّعليميّة.
مرحلة التعليم الثانوية:
وفي سنة 1974م نالت نشيدة شهادة التّعليم المتوسّط عن جدارة واستحقاق، ممّا سمح لها بالمواصلة في نفس الثانوية في شعبة الرّياضيّات. وكان معظم أساتذتها من المشرق العربي، ومن بينهم أستاذ الرياضيات المنتمي للمدرسة العليا للأساتذة بالقبة ويدرّس قسما واحدا في هذه الثانوية، فكان يقدم لطلبته مجموعة من التمارين المختلفة والصعبة غير تلك الموجودة في الكتب المدرسية التي كانت تستعمل للمراجعة فقط.
ومن الأساتذة الذين تذكرهم أستاذ الفيزياء المتخرج في الجامعة الجزائرية.
تحصلت نشيدة على شهادة البكالوريا سنة 1978م بمعدل 12 بتقدير متوسط، وظفرت بالرتبة الأولى من بين الناجحين الذين كان عددهم سبعة من أصل 37 طالب مترشّح لنيل الشهادة في تلك الدفعة.
ومن بين زملائها «عقون غنية» أستاذة الرياضيات، وتواتي ليلى» أستاذة الهندسة المعمارية ، والأستاذة «خليفاتي»، وغيرهم. بينما زميلتها وجارتها منذ الصغر «شرماط فاطمة الزهراء» التي تصغرها بعام درست تخصص الطب وهي الآن في كندا.
من أقوال أخيها قصباجي كمال محمد لها:
"لديك الجرأة والشجاعة للدفاع عن نفسك، فلديك القدرة على النقاش والمحاججة، أكيد سيكون لديك مستقبل زاهر، لماذا لا تدرسين المحاماة؟".
مرحلة الجامعة والبحث العلمي:
بعد شهادة البكالوريا، وفي فترة اختيار التخصصات الجامعية نصحها أخوها بتخصص الإعلام الآلي، لكنها رفضت؛ لحبها مادة الفيزياء ولتمكنها فيها، ولم يضغط عليها بل تركها تختار التخصص الذي تريد.
التحقت بعدها بقسم الفيزياء في «جامعة هواري بومدين للعلوم والتّكنولوجيا بباب الزّوار» سنة 1978م. وهناك درست مع نخبة من الطلبة البارزين، بعضهم يتبوّأ حاليّاً مراكز عليا في سلّم البحث العلمّي، من أمثال البروفيسور مطاوي فاطمة» أستاذة بكلية الفيزياء، والبروفيسور راشدي مليكة» أستاذة بجامعة باب الزوار.
ومن بين أساتذتها: الأستاذ سالم المتخصص في ميكانيك الموائع، والأستاذة بوهادف خديجة أستاذة بكلية الهندسة المدنية، التي كانت معجبة بها لقدرتها على التدريس رغم صغر سنها.
درست نشيدة لمدة ثلاث سنوات تخصص الفيزياء، ثم توجهت في السنة الرابعة نحو تخصص ميكانيك الموائع بكلية الفيزياء، لتتحصل سنة 1983م على شهادة الدراسات الجامعية العليا (D.E.S).
حاولت الالتحاق في تلك السنة بمرحلة الماجستير لكن لم تتمكن بسبب ضياع ملفها عند التسجيل وبالتالي لم يتم دراسته في المجلس العلمي.
توجهت مباشرة إلى مركز المحافظة السامية للبحث (HCR) للالتحاق بتسجيلات الماجستير في تخصص الطاقات المتجددة، لكن فترة التسجيلات المقررة بالمركز كانت قد انتهت، فتقدمت بطلب لمدير التكوين «الأستاذ بوساحة» للانضمام للمركز، رغم اقتراب فترة اجتياز الامتحان، فكانت الفتاة الوحيدة في وسط 6 ذكور.
استطاعت الباحثة التحضير للامتحانات في فترة وجيزة، ونجحت في ذلك. ثم درست من سنة 1983 إلى غاية جوان 1984 الدراسة النظرية، ومن بين المواد الذي درستها: ميكانيك الموائع، التحول الحراري، الطاقات الشمسية على يد البروفيسور «بلهامل» الذي كان مدير محطة تجريبية للطاقات الشمسية.
بعدها قام المركز باتفاقية مع الاتحاد الأوروبي لإرسال الطلبة للقيام بتربصات حسب الموضوع المختار، فكانت وجهتها إيطاليا لدراسة الجانب التطبيقي لمدة سنة ونصف هي والبروفيسور «مرزوق مصطفى» الذي اختار نفس موضوع البحث.
انضمّت الدكتورة قصباجي رفقة البروفيسور مرزوق إلى معهد الفيزياء ببادوفا «Padova» في إيطاليا للتربص في الفترة ما بين 1984م وفيفري 1986م، تحت رعاية البروفيسور «لزارين Lazzarin؛ الذي كان يرسل الطلبة إلى قاعة البحث للقيام بأعمال بحثية من بينها مثلا: «البرمجة بالكومبيوتر» وهي التي لم تستخدمه من قبل، وبعدها إلى المركز الوطني للبحث (CNR) للقيام بتجارب في موضوع: «البحث عن كفاءة خاصة بالطاقات الشمسية».
زرع البروفيسور «لزارين» في طلبته روح المسؤولية والثقة بانتهاجه أسلوب الاعتماد على الحرية في التفكير والاعتماد على الذات في البحث دون مراقبة مستمرة، وذلك بهدف الوصول إلى نتيجة علمية فعالة.
وبعد عودتها إلى الجزائر، كانت الأطروحة جاهزة عدا المراجعة النهائية من مشرفها بالجامعة، الذي طلب وقتا أطول للاطلاع عليها، مما حدا بها لتقديم طلب إلى الإدارة لتغيير المشرف.
قبلت الإدارة الطلب، فقامت الباحثة بتعديل بعض النقاط المطلوبة من المشرف الجديد، ولغياب التكنولوجيا، اضطرت إلى إعادة نسخ الأطروحة بـآلة الكتابة «Dactylo» بعد ما كانت محمولة في قرص مضغوط.
وفي 26 جوان 1986م ناقشت أطروحة الماجستير التي نشر إعلانها على الجرائد لحضور عامة الناس بعنوان «المساهمة في تحديد الأداءات النظرية والتجريبية لثلاثة مستشعرات في اللوائح الشمسية المسطحة» بالمحافظة السامية للبحث، وكان رئيس اللجنة البروفيسور «بن سعيد»، والبروفيسور «لزارين» المشرف عليها في إيطاليا، والبروفيسور «بلهامل» المشرف عليها في الجزائر.
الحياة العائلية:
وبعد مرحلة الماجستير، تزوجت سنة 1988م بالبروفيسور مصطفى مرزوق.
على الرغم من أن مسارها كان صعبا إلا أنها استطاعت الموازنة بين عملها وتربيتنا ... ونحن محظوظون بأمّ مثلها ... ساعدتنا منذ صغرنا حتى تخرجنا من الجامعة
أنجبت الباحثة نشيدة ابنها البكر عادل سنة 1990م، وبعدها بسنتين واصلت الباحثة تكوينها في البحث العلمي فسجلت في مرحلة الدكتوراه مع زوجها.
وبعد ما تم قبولهما من جامعتين فرنسيتين بعيدتين عن بعضهما تنازلت الباحثة عن منصبها من أجل تربية ابنها، مقدِّمةً زوجها الذي واصل تكوينه في الدكتوراه في فرنسا بعدما تشاور معها في الموضوع.
وفي أفريل من عام 1996م ولدت ابنها الثاني فارس منير، ثم في سنة 1998م ولدت ابنها الثالث أنيس جيلالي.
الباحثة نشيدة هي فنانة أيضا فقد أنجزت مجموعة من الإبداعات الفنية، من ملحقات التزيين ومجوهرات وطرز، ولوحات «موزاييك» وريزين (la résine)، وأصبحت هذه الهواية بمثابة عمل ضروري في أوقات فراغها وفي هذا تأثر جليّ بأمها.
بالإضافة إلى هذا كانت تحيك لأولادها منذ صغرهم ملابسهم كما كانت تفعل أمها سابقاً، ففي فترة ذهابها إلى العمل مع زوجها تأخذ أدوات الحياكة وتعمل عليها طول الطريق إلى غاية وصولها إلى العمل، وعند خروجها مساءاً تواصل هوايتها إلى أن تعود إلى البيت، وحتى في المنزل عند مشاهدة التلفاز تلازمها هوايتها في الحرف اليدوية.
الحياة المهنية:
مباشرة بعد التخرج انضمت الباحثة قصباجي إلى محطة التجريب الشمسية، فكان أول عمل هو تثبيت كومبيوتر تبرعت به اليونسكو للمركز، واستطاعت رفقة زوجها مصطفى مرزوق والأستاذ بوحجار نقله إلى محطة التجريب.
كما عملت لفترة مع زوجها في نفس المكتب بالمركز، حيث كان بينهما اتفاق بعدم الحديث عن العمل في خارج أوقاته. فتمكنت هي وزجها من الفصل بين الحياة العملية والحياة الزوجية والأسرية، وكانت تربطهما أهداف وأفكار عملية متشابهة.
زوجها البروفيسور مرزوق مصطفى متخصص في الطاقات الشمسية يملك خبرات مهنية كثيرة في مجال الهندسة المعمارية، وهو ما سمح للباحثة نشيدة التوسع والتكوّن في مجال الهندسة على يده، وذلك لارتباط ميدانها بالميادين الأخرى.
قدمت الدكتورة نشيدة في سنة 1990م ملف التحويل من باحث مشارك إلى رتبة مسؤول بحث لدى اللجنة رفقة 4 زملائها من بينهم زوجها، وبعد دراسة الملف تم رفض ملفها فقط وذلك لتشابه أعمالها مع أعمال زوجها، مما جعل اللجنة تسند كل الأعمال إلى زوجها وتعتبرها أنها استغلت الفرصة.
قررت الباحثة تقديم طعن لدى المحافظة السامية للبحث، فأُجْرِي تحقيق رغم صعوبة القرار الذي اختارته، إلا أنها في الأخير أُنصِفت، وغُيّرت اللجنة إلى لجنة متكونة من أساتذة مختصين في المجال، وبعد دراسة الملف مرة أخرى سُمح لها بالانتقال إلى رتبة مسؤول البحث.
"إن لم يتم قبولي كمكلفة بالبحث .... لم أكن لأغيّر طريقي، وسأبقى طوال حياتي مرتبطة بالبحث".
بعد هذا الموقف، قررت أن تنفصل عن العمل مع زوجها في نفس المركز بفرع الطاقات الحرارية، بحثا عن تطوير مسارها المهني لوحدها. فقدمت طلبا إلى مدير المركز، وبعد مناقشة الموضوع، اقترح عليها الانضمام إلى فرع طاقات الرياح وتكوين فريق بحث متمكن في سنة 1992.
بدأت الباحثة دراسة تخصص الإعلام الآلي لربطه مع تخصصها، فدرست نظام المعلومات في مجال طاقات الرياح، وبعدها عملت في قاعدة المعطيات للمغرب العربي، ومثّلت الجزائر في تلك السنة.
واصلت الدكتورة نشيدة مسيرتها في البحث والتكوين، فخصصت بعض وقتها للتكوين في «خريطة الرسومات» «La Carte Graphique»، كما كوّنت نفسها في نظام الكمبيوتر الجغرافي «SIG» سنة 1994م بـ «المركز الوطني لرسم الخرائط والاستشعار عن بعد» » «L’INCT في حسين داي.
وقدمت سنة 1994م مسوّدة مشروع ««Une Ebauche Préliminaire ببرنامج «Surfer» الذي كان من البرامج الأولى التي عملت على نظام الكمبيوتر الجغرافي «SIG»، وألقت محاضرة حول طاقات الرياح في «تسالونيك» Thessalonique»» -اليونان- عن بعد؛ لعدم توفر تمويل بالجزائر في الوقت آنذاك، ورغم ذلك نشرت ورقتها البحثية، وأُصدر العمل كأول خريطة بالجزائر في طاقات الرياح سنة 1994م.
وفي سنة 2000م أنشأت أول خريطة لسرعة الرياح في الجزائر، وضّحت فيها المناطق ذات مكامن طاقات كبيرة للرياح، والتي يمكن وضع محطات فيها، وظهرت أدرار كأول منطقة مناسبة.
وبعد تكوينها وتمكنها من نظام الكمبيوتر الجغرافي «SIG» تواصل معها الأستاذ «مسعد» من المركز النووي لعين وسارة، واقترح عليها العمل على خريطة مناطق الهضاب العليا كـ «مشرية، وعين وسارة...» لدراسة اتجاهات الرياح المهمة، ودور الرياح في نقل الرمال نحو الشمال.
وبمساعدة الباحثة نشيدة قام المركز بتقديم المشروع للاستفادة من تمويل لشراء الأجهزة اللازمة للوصول إلى النتائج بسرعة. ونشرًا للنتائج الجيدة التي توصلت إليها الباحثة نظمت مؤتمرا وشاركت فيه بمحاضرة «حول المشاكل التي تؤدي إلى التصحر» سنة 2006م.
بعدها جاء التفكير سنة 2006م في إنشاء شبكة علاقات تتكون من عضو من كل وزارة وطنية لها أجهزة وإنجازات حول الصحراء بهدف الخروج بتوصيات من أجل إيقاف تقدم الرمال، لكن الفكرة لم يكتب لها النجاح.
وفي الفترة ما بين 2003 - 2007م أصبحت الباحثة نشيدة مسؤولة عن فرع طاقات الرياح بالمركز، فحاولت إنشاء خريطة الجزائر وتتبعت التفاصيل والقياسات الدقيقة «Micro Climatique» في كل من بلديات وولايات الجزائر، وعلمت بوجود برامج في الدانمارك تستعملها الكثير من الدول في قياس سرعة الرياح، فسارعت إلى اقتناء برنامج WASP لجلبه للمركز.
لكن من أجل استعماله طُلب من فريق المركز التكوين في الدانمارك، وبسبب غياب التمويل لم تستطع الباحثة رفقة فريقها الذهاب إلى الدانمارك، وتزامن ذلك مع وقوع شركة سونلغاز في نفس المشكل؛ مما جعل الباحثة تتكون لوحدها لمدة ثلاث سنوات حول كيفية استخدام البرنامج.
استطاعت بعد تكوينها إعطاء المكامن الطاقوية واستخراج كمية الطاقة الكهربائية المنتجة بالقياسات، أي قامت بإعداد مشروع متكامل، ثم تعاملت مع شركة سونلغاز لتكوين أعضائها في طريقة استعمال البرنامج؛ ومن نتائج ذلك أن قامت شركة سونلغاز بتركيب المحطات الطاقوية في منطقة أدرار.
وفي الفترة ما بين 2007 و2011م تعاونت مع مديرية الطاقات المتجددة بوزارة الطاقة التي كان على رأسها الأستاذ «بن زايد» -وهو الآن «مدير في وزارة الانتقال الطاقوي»- على دراسة «الأماكن التي يمكن وضع المحطات الطاقوية فيها، وذلك بعقد شراكة بين وزارة الطاقة ووزارة التعليم العالي. وكان أول عقد وطني.
فأنجزت دراسة دقيقة عن الأماكن التي بها المكامن الطاقوية بصفة كبيرة، وقامت بدراسة تأثيرات الظواهر الخارجية التي تمنع من وضعها: كالمناطق المحروسة، أملاك الدولة، الأماكن البعيدة عن الطريق، وغيرها.
كما أنجزت دراسات ميدانية رفقة زميلها التقني ما بين «رأس الواد» بمدينة برج بوعريريج ووصولا إلى مدينة مسيلة من الجهة الأخرى من الجبل، لتعيين المنطقة، وبهذه الدراسة استفادت كل من وزارة الطاقة وسونلغاز في إيجاد الطريقة المناسبة للعمل في هذه المنطقة.
وقد شغلت الباحثة نشيدة منصب مسؤولة فرع طاقة الرياح ورئيس المجلس العلمي بمركز الطاقات المتجددة «CDER» لمدة سنة ونصف، ثم رئيسة وحدة تنمية الأجهزة الشمسية UDES ببوسماعيل، ثم التحقت بميدان الطاقات الحرارية، وعملت رفقة فريقها على إنتاج الطاقات الكهربائية باللوائح الفوطوضوئية
.
"بدون اكتساب ثقة الباحث لا أستطيع التقدم".
ومن سنة 2019 إلى يومنا هذا تشغل منصب بروفيسور في جامعة البليدة بكلية الطاقات المتجددة، وتدّرس طاقة الرياح، ومكامن الطاقات المتجددة (شمسية، حرارية، حرارية جوفية، مكامن المياه، وغيرها)، وهذا ما جعل الطلبة يتقرّبون منها؛ فقد كانت تمنحهم كل ما لديها من تجارب علمية وأفكار وطرق العمل، وتهتم بتكوينهم في الجانب التطبيقي أكثر من الجانب النظري، وهو ما زرع فيهم روح التنافس الإيجابية والمسؤولة.
وأشرفت الدكتورة نشيدة على أطروحة دكتوراه الطالب «حسان بوكلي» في جامعة وهران، بإضافة الأستاذ «لوكارفي» مشرفا مساعدا تجنبا لحالة رفض الدكتورة نشيدة باعتبارها أستاذة من جامعة أخرى. وهو أول طالب متحصل على دكتوراه في طاقة الرياح، والآن يشغل منصب مسؤول بالمدرسة العليا للإلكترونيك بجامعة تلمسان، كما ناقشت أكثر من 15 مذكرة ماستر، و3 رسائل ماجستير، و11 أطروحة دكتوراه.
بين العمل وضغط أزمة التسعينيات
كانت الباحثة نشيدة في فترة العشرية السوداء تعمل بمركز الطاقات المتجددة، وتدّرس في نفس الوقت أستاذة مشاركة بجامعة البليدة تخصص الإعلام الآلي مرة في الأسبوع، ثم أستاذة بكلية الهندسة الميكانيكية بقسم الطاقات المتجددة الذي كانت فيه من الأعضاء المؤسسين عام 1996م. فكانت تتنقل من العاصمة إلى البليدة بالحافلة رغم صعوبة الوضع آنذاك.
وقد فكّرت أن تهاجر مع أبنائها إلى خارج الوطن، لكن أب زوجها صرفها عن الموضوع بتشجيعها وزرع الثقة في قلبها، بالإضافة إلى أن زوجها رفض رفضاً تاما الاستقرار في فرنسا لأنه لم يرِد الاستغناء عن وطنه، رغم أنه في تلك الفترة كان يحضّر الدكتوراه بفرنسا واقترحوا عليه منصبا هناك.
يقول زوجها عن الجزائر:
«مهما كان نوع الناس الذين يريدون هدم الجزائر؛ لن أتركها لهم، سأبقى فيها وسأشارك في بنائها».
كانت كل يوم عند ذهابها إلى العمل توصي أختها على أبنائها؛ فالإنسان في تلك الفترة لم يكن يأمن العودة إلى البيت، وهكذا واصلت تحدياتها في البحث العلمي وتربية الأبناء.
وبقيت الباحثة لمدة 26 سنة تقضي المناسبات الدينية عند أب زوجها في ولاية الشلف رغم صعوبة تلك الفترة، وبقيت كذلك حتى وفاته ، فكانت بينهما علاقة وطيدة؛ علاقة أب بابنته.
وبعد رجوع زوجها من فرنسا سنة 1997م، بدأت الباحثة سنة 1998م بالتحضير للدكتوراه إلى غاية مناقشتها في سنة 2006م بجامعة تلمسان بإشراف الدكتور «بن يوسف».
أهم الإنجازات (مشاريع وطنية)
في الفترة ما بين 1986م إلى 1990م صنعت الدكتورة قصباجي جهاز استقبال شمسي مسطح في ورشة CDER الذي سمي بـ «أول نموذج مبدئي» وذلك بالتعاون مع التقني «فتحي»، ومن أجل اختبار كفاءته قامت بجلب الخطة التجريبية من معهد إيطاليا، ثم عملت على جهاز تسخين المياه بالطاقة الشمسية «chauffe-eau solaire»، فكانت أول تجربة في دورة المياه الخاصة بالباحثين بـ CDER، وقد حاولت التواصل مع المصنّعين من أجل دفعهم للاستفادة من الطاقة الشمسية لكن لم تفلح.
كما قامت بمشروع في حمام ريغة حول كيفية تسخين البيوت Les Bungalow بحرارة المياه الجوفية»، فقامت بدراسات لتوضح كيفية تسخين البيوت بالمياه الجوفية والاستغناء عن الغاز.
وعند تقلدها منصب مديرة بالمركز، اقترح عليها فريق البحث المختص بالطاقة الكهروضوئية مشروعا حول «التكنولوجيا الملائمة للمناخ الجزائري» فأيدت الفكرة وأنشأت مخططا تطبيقيا يساعد عامة الناس.
وفي إحدى أيام وجودها في المنزل اتصلت بها المديرية العامة للبحث العلمي لإعلامها بزيارة السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي «رشيد حراوبية» للوحدة، وكان منبهرا بالإنجازات وبالمشروع الذي اعتبر الأول في إفريقيا.
'لديها شبكة علاقات مع مجموعة من الباحثين والأساتذة خاصة على المستوى الدولي وهذا ما أعطى بعدا عالميا لنشاطات البحث بالمركز من خلال المشاريع التي ساهمت فيها أو أشرفت عليها، وكذلك من خلال المحاضرات والمؤتمرات التي نظمتها بالجزائر، ممّا أضفى حيوية علمية للبحث العلمي في المركز " د.محمد عباس
ومن بين المشاريع التي أعطتها الباحثة أهمية كبيرة، مشروع «محطات الطاقة الشمسية على الطريق السريع» ما بين سنة 2016 - 2019، حيث أن أول محطة وضعت بها لوحات الطاقة الشمسية كانت محطة اسطاوالي التي كان يترأسها المدير «بلَّال» فقد كانت فكرتُه بالتعاون مع نفطال سنة 2000م. لتفكر بعدها شركة نفطال بتزويد محطات البنزين بلوحات الطاقات الشمسية مما جعلها تتواصل مع وحدة التنمية UDES لطلب التعاون معهم.
وأول محطة زودت بلوحات الطاقة الشمسية في الطريق السريع كانت محطة سطيف، ومنه استفادت تسع محطات من هذا النوع لإنتاج الطاقات الكهربائية، وإحدى هذه المحطات دخلت في المشروع الذي قامت به الباحثة مع فرنسا، وهو وضع لوحات في مناطق متباينة من حيث المناخ ودراسة كفاءتها.
وقد وضعت لوحات الطاقة الشمسية في أربع محطات مختلفة: (محطة تيبركانين في الطرق السريع، نقوسة بورقلة، اسكرام منذ 2007، وأدرار) بهدف الإجابة عن بعض التساؤلات مثلاً: هل يجب غسل اللوحات؟ عند انتهاء صلاحية اللوحات، كيف يمكن إعادة استعمالها؟ .. إلى غير ذلك من الأسئلة التي تسهم في فعالية أداء هذه اللوحات.
براءات اختراع
تملك الباحثة نشيدة 9 براءات اختراع كلها وطنية أُنجزت خلال عامين في وحدة تنمية الطاقات الشمسية (UDES) رفقة مجموعة من فرق بحث مكونة من مجموعة طلبة.
أنا أرى المستقبل حلقة والإنسان داخل الحلقة الملونة، وكل لون يمثل أزمة... أزمة الطاقة، أزمة المياه... أزمة البيئة...وكل هذا مرتبط مع بعضه.
مشاريع أخرى
- نظام لتسخين بعض المكاتب بـ UDES.
- جهاز تسخين المياه بالطاقات الشمسية «Chauffe-eau solaire» التي تحصلت من خلاله على براءات اختراع، وقدمته لـلمؤسسة الوطنية للأشغال البترولية الكبرى GTP ووزارة الطاقة من أجل إنتاجه.
- التجفيف، وذلك بجلب نفايات الفواكه والخضر من المصانع الغذائية لتجفيفها بالطاقة الشمسية ثم تحويلها إلى أكل الدواجن.
- سنة 2013م عملت على مشروع تهوية بيوت الحمامات المعدنية عن طريق الطاقة الشمسية.
المشاريع الدولية
من المشاريع الدولية التي شاركت فيها إما بالخبرة أو بالتأسيس نذكر:
- عقد شراكة مع برنامج الأمم المتحدة للتنمية بالجزائر PNUD» لتحضير يوم خاص بـ «الطاقات المتجددة»، وعملت كخبير لإعطاء نظرة عن الطاقات المتجددة بالجزائر، والتعريف بالأشخاص الممثلين لها من أجل عقد تعاون بين PNUD، ووزارة الطاقة، ووزارة التعليم العالي. وذلك في شهر أفريل 2021 بـالمركز الدولي للمؤتمرات.
- عضو المشروع الجزائري التونسي CITET بتونس، حيث اقترحت الجزائر مشروعا حول «معالجة المياه بنظام التحفيز الضوئي (photocatalytic system)، وذلك لتوفر «نموذج مبدئي» من قبل بـ UDES. وكان العمل ما بين 2012 - 2018.
- الإشراف على مشروع «التكنولوجيا الحيوية للإمدادات الدائمة بالمياه في إفريقيا» ما بين سنة 2011 إلى 2014م، بالتعاون مع أكثر من 17 دولة (غانا، ألمانيا، أستراليا، فرنسا، تونس...)، وبانخراط مجموعة من الباحثين بـ UDES. وتوصل المشروع إلى نتائج فعالة، مما جعل البروفيسور الألماني «سكوريس» صاحب فكرة المشروع يقدم إلى الجزائر لحضور المؤتمر رفقة العديد من أعضاء الوزارات في المجال والخواص أيضا، وقدمت لهم نتائج المشروع حول: «ما هي التكنولوجيات الملائمة؟، إحصائيات التكنولوجيا الموجودة، التكنولوجيات الملائمة للبلدان وما تأثيرها على البيئة، ما هو التمويل»، وغيرها من المعلومات المهمة في الموضوع.
- نظمت عام 2011 ورشة عمل للاتحاد الدولي لتحلية المياه: «تحلية المياه من أجل عالم أفضل» بتمويل من البنك الدولي، بالتعاون مع شركات رائدة في مجال تحلية المياه، وركزت الورشة على تبادل الخبرات وأحدث التقنيات والابتكارات في مجال تحلية المياه.
- طلبت مؤسسة GIZ-Ecodev الألمانية في إطار تعاونها مع ولاية تيبازة ضمن مشروع «الاقتصاد الأخضر» من الباحثة نشيدة عقد العديد من المؤتمرات للتحسيس بمواضيع من مثل: المنطقة الصناعية الخضراء بالجزائر، عملية تجفيف الطماطم، المهن التي يمكن توفيرها في التكوين المهني، وغيرها، وذلك ما بين 2012 إلى .2015
Podcast الوسام
محتوى سمعي من انتاج مؤسسة وسام العالم الجزائري, تابعنا على:
google-podcast spotify apple-podcast