رستم باعمارة
غرس ثلة من الأخيار سابع سنبلة في أرض الجزائر اليانعة بمناسبة حفل وسام العالم الجزائري في طبعته السابعة لموسم 1436هـ / 2014م الذي كان لي موفور الحظ في شهوده والارتشاف من معين العلماء الأجلاء الذين زيَّنوا قاعة المحاضرات بفندق الهيلتون بعاصمة الوطن.
الحضور كان ثريا ومتنوعا جمع بين علماء وأساتذة وطلبة وساسة وإعلاميين ورجال أعمال وموظفين، سؤل الجميع جرعة أمل تنقذهم من وحل اليأس الذي بدأ يدب في حياة كثير من الجزائريين.
الحفل كان ثريا ومميزا مقارنة بالطبعات الأخرى حيث كانت الإضافة هذه السنة هي تكريم الجماعة العلمية لجمعية التراث الأصيلة الذي يمتد نشاطها إلى أزيد من عقدين من الزمن، حيث ألفنا في الطبعات السابقة تكريم الأشخاص، وهذه مما أحسبها بركة من بركات الرقم سبعة عند المسلمين.
المكرم الثاني في هذه الطبعة هو العالم أحمد جبار الذي استطاع أن يحوز على قسط وافر من الاهتمام وهذا راجع لعدة أسباب من أهمها قوة شخصيته وحضوره البارز وبراعته في نقل أفكاره للآخرين، فبعد أن بلغ أشده وبلغ أربعين سنة من البحث في موضوع من أهم موضوعات الحضارة وهو التنقيب في تاريخ العلوم في عصرها الذهبي، قيض الله مؤسسة وسام العالم الجزائري لتمنحه وسام العالم الجزائري تكريما له وللمجهودات التي بذلها في هذا المضمار والتي ملأ بها اسمه الأفاق إلا أنه يقرر في النهاية بكل أسف أن كثير من الأعمال العلمية التي برع فيها يأمل أن تطبع ويقرأها أبناء المسلمين اليوم.
طبعا لست هنا بصدد تتبع فقرات الحفل فهناك من كفى عني مؤونة هذا مشكورا مأجورا، لكني بصدد ذكر بعض النقاط التي أثرت فيَّ ووددت مشاركتها معكم:
- "العلم رحم بين أهله" المتفحص في وجوه الحاضرين لحفل الوسام يجد اختلاف مشاربهم وتباين اهتماماتهم العلمية لكن البغية كانت واحدة وهي الاحتفاء بالعلم وأهله، خاصة إذا كانوا أبناء بلد واحد ما يجمع أهله أكثر مما يفرق.
- أربعة أسطر في كتاب المقدمة للعلامة ابن خلدون كانت كفيلة بتوجيه العالم أحمد جبار –لكل من اسمه نصيب- إلى مجال خصب يمثل قسما هاما في الذاكرة الجماعية للأمة الإسلامية وفي عصرها الذهبي، فلا تستصغر الجهد الذي تقوم به في سبيل العلم وجاهد في ميدان تخصصك بالمطالعة والحفر في الكتب وطلب العلم من مصادره المختلفة ولا تكف عن السؤال.
- الدموع السخية التي ذرفها عدد من العلماء والحاضرين كانت أفضل ترجمان وأصدق تعبير على ما يكابده كثير من المخلصين في الجزائر وغيرها من البلدان من أجل أن يزيلوا عن البشرية حيرتها ويعيدوا للتوليفة الربانية الملهمة "إقرأ باسم ربك" مكانها كما أشار إلى ذلك الدكتور محمد باباعمي، فقسم كبير من العالم يعمل بمقتضى كلمة "اقرأ" ويدير ظهره لله عز وجل في حين أن كثيرا من المسلمين يحملون لواء "باسم ربك" دون أن يقرؤوا ويتحروا العلم فالعالَم سيبقى شقيا ما لم يقر بعظمة الله.
- الذوق الجمالي كان حاضرا بقوة ابتداء باختيار مكان التظاهرة حتى يكون لائقا بسمعة المكرمين والعلم الذي يحملونه بين جنباتهم بالإضافة إلى اللوحات الفنية التي زيَّنت المكان فرسمت صورة جمالية بديعة أتحفت الحاضرين.
- ذكر الأستاذ سعيد بويزري في أحد المناسبات العلمية السابقة بأننا –الجزائريون- أصبنا باليتم الحضاري فجاء معهد المناهج والمؤسسات العاملة تحت رسالته ليزيح عنّا هذا اليتم، وهذه الشهادة هي من قبيل التكليف قبل أن تكون تشريفا ولعل المصابرة على هذه التظاهرات مع ما تحمله من معان نبيلة تستمد قوتها من مشكاة النبوة، فاللهم بارك وأجمع على الحق كل مجاهد في سبيل إعلاء كلمة الدين.
هذه غيض من فيض مما استوقفني في هذا اليوم الأغر الذي سيعم خيره الجزائر شرقا ومغربا في مستقبل الأيام إن شاء الله.
Podcast الوسام
محتوى سمعي من انتاج مؤسسة وسام العالم الجزائري, تابعنا على:
google-podcast spotify apple-podcast