هذه القصيدة ألقاها الدكتور "محمد صالح ناصر" في حفل افتتاح معهد المناهج يوم 14 ربيع الثاني 1428هـ الموافق لـ 02 ماي 2007م، وبمناسبة تكريم شيخ الباحثين وقدوة المؤرخين الأستاذ الدكتور "أبوالقاسم سعد الله" بوسام العالم الجزائري، وقد نظمها ويده ممدودة إلى آلة تصفية الدم، لتكون ‏موقَّعة بنبضات القلب حسًّا ومعنى.‏
يقول فيها..

حيِّ جمعاً بحبِّ أحمد‏ ‏ يهــــــــــنَا    ===  واجتماعـــــــــاً ‏ يمجِّد العلم رُكنا

ووجوها بنــــــــــور ‏ ربِّـــــــــــــــي شعَّت    ===  نقتبس الهديَ، فيه تحيى وتفنى

ومحبِّيـــــــن في رضى الله عَــــزُّوا         ===  تخِذوا ظلَّــــه ريـــــــاضاً وأمـــــــــناً

يتبـــــــــاهى بهم ‏ محمَّدُ جـــــنداً           ===  ومِن الحوض يرتوُونَ ‏ فيَهنـــــــــــاَ

وأصيلاً (أبــــاً وعمًّا)‏(1)وفــــــيــــًّا ===  وهَب العــــمرَ للثقافــــــــة ‏ حِضناً

بـــاع ‏ لله نفسه فاشــــــــتراهــــــــــا  ===  فزكا بيعُه ‏ وأثمر عـَــــــــــــدْنـــــــا

وبناءً (لمنهـــــج)‏(2)‎‎ الله‏ يدعـــــــــو === فازدهى في حِماه مبنًى ومعنى

فهـــو للنـــــــــــاشئين حوضُ ‏ رسولٍ      ===  وهو للباحثين ‏ محرابُ حُســنى

في حمى الله هبَّ ينشئ جيـــلاً   ===  أحمديَّ الخُطى، ويُســـــرِجُ ‏ لُسناً

شـــادهُ المحسنــــــــــون لله ذخــــــــراً ===  فسمـــــــــَا بــــدرُه وأشــــرق حــسناً

أيها ‏ الخيِّـــرون، والمــــــــالُ يفنــــى      ===  أقرِضوا الله كــــــــي يزيد ‏ ويغنى

غرسكـــــــم للإله بـــــذرة خـــــيــــــرٍ    ===  عنده قد زكَت ثمــــــاراً وغُـصنا

*******

إيه يا جمعُ، والقصيـــــــد كلامٌ  ===  كيف أبني، والفعلُ أبنى ‏ وأبنى

غيــر أنِّـي بنبض قلبــيَ أشــــــــدُو   ===  وكفى الحبّ ‏ منه أعــــزِفُ لحناً

صغته -إذْ دَمي يُصفَّى- بقلبي‏        ===  فلكُــــم نبضُــــه شعــــــــوراً ‏ ووزنــــــــاً

ليس كالحبِّ للبريـــــــة أمنــــــــــًا    ===  ليس كالديـــــــن للأُخوَّة حِصنـا

ليس كالآي للقلــــــوب شِفـــــــــاء     ===  يملأ النفس راحـــةً ‏ حين تعنـــى

ليس كالضــــــادِ قربةً ‏ لنــــفوسٍ  ===  في ظــــلال ‏ التوحيد تنشُدُ أمْنــــا

ليس كالعلم في المجالس تاجـاً       ===  يُكسِبُ المرء هيبـــــةً حيث أسْنــــى

يهَـــــــبُ العقـــل حــــــكمةً وسُمـــــوًّا       ===  ويزكِّــــي النفوس سهـــــلاً وحَزْنـا

أينما حلَّ فاضَ خـــــيرا ونُعمــــى   ===  وسقى الـــــــــواردين ‏ شهداً ومنــــــًّا

موكبُ العلم هلَّ (سعدًا) و(حُسنًا)‏==      (يقسم)‏(3)‎‎‏ الخير حيثما حـلَّ أغنى

‏(موساويُّون) ‏(4)‎‎‏ كلُّنا في ‏ التلقِّـــي===       نتّبِــــع الخَضِر، نبذُل العمر ‏ رهنًا

‏******‏

يا رُبى العلم حفَّكِ (السعدُ) بشراً===      بعميــــــدِ التأريخ ‏ مبنًى ومعــنــــى

قـــــد تشرَّفتِ باحتضانك بـــــــــدراً      ===  كم أضاءَ السُّرى ونوَّر ‏ حُسنـــــاً

هو كالبـــــــــدر رِفعةً واعــــــــــــتزازاً       ===  بل هو البــــــدرُ بالتواضع أحنْى

وهو بالشعر مرهف الحسِّ كالطـ   ===  ـيْرِ إذا حــــنَّ أشجـــــــــى فغنــــــــــــــَّى

بــــين حُبَّــــين ‏ (ثائـــــــرٌ ومــــحبٌّ) ‏(5)‎‎‏===   لبلادٍ أضنتـــــه عشقـــــــــاً فـــــــــحنَّا

غاص في لجَّة الـــــتراث فــــــــحلَّى  ===  جيدَ أمٍّ، كــــم عقَّها مَـــــن ‏ تـدنَّى

رحلة العمر كـــم تملَّته بـــــــدراً   ===  نيِّراً في السمــــــــــاء علمـــاً وفنــــــًّا

فسلِ النخلَ وهـو يحضنُ طفلاً      ===  حالمـــــــــــــا، بالرمــــــــال يلهو مُعنَّى

يعشـــقُ البدر والنخيل (بـــــوادٍ) (6)‎‎===   رافع الراس في السما مــــا ‏ تمنًّى

وسلِ ‏ المعهد العتــــــــــــيق (بِسرتَا) (7)‎‎‏‏ ==   عن مُجدٍّ مـــــــــع ‏ المتون تثنَّـــــــــى

واسأل الذكريات تــــونسُ تُنْبـي    ===  عن محـبٍّ يغـازل الكتب ‏ هَوْنــــــــــــاً

عن غريب ‏ يمضُّه البؤسُ، يمضي      ===  مشرق القلبِ شاحب الوجه ‏مُضنى(8)‎‎‏‏

واسأل النيلَ ‏ ‏(دَرْعَمياًّ) (9)‎‎‏‏ مَكينـا===    حـــــــاز علمـــــــــــــــــاً به فأغنى وأقنى

واسأل الناديَ ‏ الذي كان يهفو      ===  لمحيَّــــــــــاه بــــــــــــــاحثا عزَّ شأنــــــــــــــًا(10)‎‎‏‏

واسأل النــاطحاتِ كيف تسامى ===  فهـو كالناطحات معنى ومبنــــى(11)‎‎‏‏

لـــــــــــــــــم تهجِّنه ‏ لوثـــــــة لِشِكَسْبير ===  فـــــــآي الكتــــــــــابِ تنجـــب لُسنــــــا(13)‎‎‏‏

أو تدجِّنه دميةٌ وهو يهــــــــــــــــــــــــوى       ===  وطنــًا قد براه عشــــــقًا ‏ وأفْنـــــــــــــــى

فاسأل الجامعات في ‏ كــلِّ صقع  ===  تجد (السعدَ) في المجامِع ‏ عينــــــــــاً

واسأل المكتبات شـــــرقًا ‏ وغربًـــــــــــا       ===  تنبري الكتبُ تحمل ‏ الاسم معنى

أهي سبعون؟ أم ثمانون؟ كـــلاَّ ===  ليس بالكمِّ يحمـــــل العلمُ وزنـــــــــــاً

هي سبعٌ ‏ مثل السنابل أعــــطت      ===  مــــائةً، في الحصاد تنــــــــتجُ ‏ مثنى

عند ربِّـــــــــي حــــــــــــسابهـــــــا، ‏ ورقاتٌ===        قـــد نَمَتْ في الجنان ظـــلاًّ ومجنى

فهــي في الذاكرين فكرٌ ‏ وشكرٌ  ===  وهــــــي في الخالــدين أجرٌ وحُسنى

أنتَ ألَّفتَ ‏ كي نـــــــــــعزَّ ونهنــــــــا     ===  فسنــــدعو لكــــــي تعزَّ وتَــــــــــــــهنــــــــــاَ

رب إنّا بظل عرشـــــــك لُــــــــذنــــــــــــا ===  يشهد الحب ما بغيرك عُــــــــــــــــــذنا

فأَمِـْــــــــــــــــــــتنا على الشهادة واجعل ===        مــــــــــــــــــــــــــلتقانا بحوض أحمد عدنا

------------------------------------


2 - الإشارة إلى معهد المناهج، الذي دشِّن بالمناسبة.‏
3 - الإشارة هنا إلى الأساتذة الكرام: د. سعد الله، أ. محمد الهادي الحسني، د. عبد الرزاق قسوم. وقد شرفوا ‏الحفل بحضورهم وكلماتهم.‏
4 - ‏ الإشارة إلى الأستاذ الكريم: د. أحمد موساوي، الذي شارك بمحاضرة بالمناسبة.‏
5 - الإشارة إلى ديوان سعد الله: (ثائر وحبُّ).‏
6 - الإشارة إلى (وادي سوف) مسقط رأس الدكتور.‏
7- الإشارة إلى معهد عبد الحميد بن باديس، بقسنطينة، حيث تعلم.‏
8- كان يمر بفترة عصيبة، كما أشار إلى ذلك في كتابه (هموم حضارية).‏
9- ‏ الإشارة إلى دار العلوم التي تخرَّج فيها، وكان طالبا متميزا.‏
10- الإشارة إلى نادي طلاب المغرب العربي بالقاهرة.‏
11- الإشارة إلى دراسته بالولايات المتحدة الأمريكية.‏‏
12- كان محاضرا جيدا بالانجليزية، ولكنه كان يعتزُّ أبدا بلغته العربية.‏