
وأنا جالس في جناح المؤسسة بالمعرض الدولي للكتاب، متأملا تارة ومحيّيا تارة أخرى، تقدّم إلى المعروضات شاب وأخذ منها صورة للشيخ أبو القاسم سعد الله، وقال لي: هذا الشخص الذي معي هو نسخة الشيخ سعد الله. فأجبته: ماذا تقصد؟ (قلت في نفسي ربما هذا الشخص الذي معه هو من المتأثرين به وهو خليفة الشيخ سعد الله في علمه وفي تخصصه، ربما، وأنا لا أدري، وكثير من الطاقات الجزائرية غائبة عن دائرة الضوء. أو ربما أن هذا الشاب هو من زمرة الذين يبنون من "الحبة قبة" ممن درجت بعض الوسائل الإعلامية التشهير بهم وهم لا يعْدون أن يكونوا فقاعة تنفجر في أول محكّ). أجابني وهو ينظر إلى الواقف بجنبه: هذا ابن الشيخ أبو القاسم. أعدت النظر إليه وأنا أحاول أن أربط بينه وبين الشيخ سعد الله، وحيّيته وكأني أرسل من خلاله تحية إلى شيخنا الذي غادرنا بعدما قدّم للجزائر عمره وهو يحاول أن يحفظ لها تاريخها من النسيان والتزوير. وقد قدّر لبعض العلماء أن يستمر نسب العلم بعدهم في أبنائهم، وآخِر مثال على ذلك الدكتور معاوية مع والده؛ فهو عالم ويخدم عالما، وقُدّر لبعضهم أن يندرس ذكر أبنائهم في مجال العلم، ولعل الأسوء في كل ذلك أن يتنكّر الابن للنهج الأصيل لوالده فيبيع ضميره وينقلب على عقبيه. وبعد أيام عاد إلينا أحمد وبرفقته رجلين في السبعينيات من عمرهما، لمحت في الأول الشبه التام بالشيخ أبو القاسم سعد الله، فقال لي أحمد هذان عمّاي أحدهما أستاذ في الجامعة، فسبحان الله، فعندما تراهما تتذكّر الشيخ أبو القاسم في تفاصيل صورته. فكانت لنا في هذه الزيارة التي سافرنا بها إلى ما قبل 2013 أعظم ذكرى مع شيخنا أبو القاسم سعد الله عندما كرّمناه في معهد المناهج سنة 2007 وعندما غادرنا إلى ربه سنة 2013، فرحم الله شيخ المؤرخين وقدوة الباحثين؛ الدكتور أبو القاسم سعد الله، ووفق الله ابنه أحمد في الحفاظ على تراث والده، فكم رُزئنا في ضياع تراث علماء بسبب تسيّب الأبناء أو غلوّهم في الإغلاق عليه.
Podcast الوسام
محتوى سمعي من انتاج مؤسسة وسام العالم الجزائري, تابعنا على:
google-podcast spotify apple-podcast