عائشة نجار


"أنا جدّ ممتنّ، وسعيد لكوني رأيت دليلا بأنّ الجزائر بخير" هذه أولى العبارات التي استهل بها البروفيسور أحمد جبّار كلمته لمؤسسة وسام العالم الجزائري بمناسبة تكريمه الممهور بتوقيع عدد كبير من حضور حفل وسام العالِم الجزائري.

دِفء اللّقاء أنسى الحضور بردًا قارسًا كان يُداعب العاصمة منذ صبيحة السبت 15 نوفمبر 2014، فالذي حدث بفندق الهيلتون، كان مختلفا بحرارته وحفاوته التي جعلت الدموع تخون المحتفى بهم أكثر من مرة.

التكريم الذي عرّفنا بالعديد من اللحظات الدالة في العلاقة التي جمعت العالِم المكرّم البروفيسور جبّار بالرياضيات وتاريخ العلوم، والتي لم تزده الأيام إلا قوة ومتانة. يرتحل من قارة إلى أخرى، بحثا عن المخطوط المفقود، وفوق ذلك كله، فإنه لا يفرط في قبعاته الثلاث التي تمنحه القدرة أعلى قليلا، على التفرد والتميز: "العالِم الرياضي، الباحث المحقّق، العابد الزاهد" ،إنه الأستاذ الكبير المهووس بثقافة الاعتراف والبحث والتنقيب عن منجز الحضارة العربية الغائب، يثيره اختفاء المخطوط، كما يقلقه تهميش وإغفال دائرة المهتمين به، فثمة مساحة في تاريخ المعرفة العربيّة كُتب أن تظل معرفة شقية تعيش حالة الاستثناء. إنّها اللحظات التي تكشف أن الأمر يتعلق بعالِم استثنائي يستمد حيويته من انتمائه إلى شرط البحث والسؤال في أشكال الحضارة وتاريخها، دون أن يخفي حبّه لتخصصه بنوع من الزّهد ولربما الألق الصوفي.

لهذا يبقى البروفيسور جبّار، العالِم المربي الذي ينغرس عميقا في أفئدة أبنائه ومعجبيه، والذي لا يمكن بالمرّة ذكر أسماء المرابطين في حقل تاريخ العلوم، دون الرجوع إليه مفكرا ومناضلا فوق العادة. فهنيئا للجزائر بإنسان لم يمت فيه الإنسان. فالرجل الذي اجتمعت فيه ثنائية "العالِم والعابد" يستحق فعلا هذا الاعتراف، اعتبارا لأصالة منجزه وقوته، واعتبارا بالأساس لإسهاماته النوعية في إحياء مجدٍ كاد أن يُقبَر مع الموتى.

في كلمته التي  شاركنا من خلالها اللحظة، وشعوره تجاهها عبّر قائلا: "هذا التكريم كان فرصة سعيدة للّقاء، أوّلا مع العلماء الجزائريين الموجودين هنا وعلماء كُرّموا سابقًا، وخاصة الالتقاء بالشبان، وحتّى مع الأطفال الذين يمثلون الجيل الصاعد.. ملاحظتي الثانية أثمّن فيها هذه المبادرة والتي أعتبرها هامة على مستوى الرمز وعلى مستوى النشاط الموجود في الجزائر... وهو مؤشر على حاجة الشعب الجزائري الملحّة للتطوّر الثقافي".

 

عالِم الجزائر، لكن "بصيغة المجموع"
على جبهة أخرى يبرز "فريق البحث العلمي لجمعيّة التراثّ"، العالِم الثاني المكرّم في هاته السّنة "لكن بصيغة المجموع"، لما قدّمه من نموذج في المكابدة نحو الجماعة العلميّة، فالاقتناع بجدوى العمل المشترك هو ما دفعهم للمساهمة في تأسيس "فريق بحث" استمرّ لأكثر من عشرين سنة عاملا ومرابطا.
من المؤكد أن غابرييل غارسيا ماركيز كان على حق حين قال: "إنّ الجميع يريد أن يعيش فوق قمة الجبل دون أن يدرك أن السعادة تكمن في تسلّقه"، فهو فريق يتسلق الجبل بأناة وعزم، لا يهمه أن يصل إلى قمته بقدر ما يهمه أن لا يتوقف عن المسير، وأن لا يحس أن شغف البحث قد غادره، ثمّ لا يملّ بعدها من انتظار غبش صبح قريب.

في كلماتهم بالمناسبة، عبّر لنا أعضاء فريق البحث العلمي لجمعيّة التراث عن انطباعاتهم تجاه هذا الاحتفاء، فكانت الأصداء التالية:

د. باحمد ارفيس: الحمد لله نحمد الله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، اليوم كان فيه تكريم عالم من قبل مؤسسة الوسام وهو تقليد جيد جدا، ربما نقول أن الأصل في العالِم أنه إنسان وهبه الله ما يمكن به أن يكون رقيبا على الأمة، رقيبا على الناس، يحاول أن يوجههم وجهة الصلاح، لذلك فهو لا يهدأ ولا يهنأ إلا إذا استقام الناس على ما أراد الله تعالى، والأصل أيضا أن يكون في سكون، وفي هدوء وخفوت، فالعالِم ليس الذي يبهرج نفسه، أو يظهر تحت الأضواء، وهذا ما نراه في الحقيقة، لكن كما قال الله سبحانه وتعالى: "إن تبدو الصدقات فنِعمّا هي"، ممكن في هذا التكريم نستنبط أشياء كثيرة، منها أولا: "الفائدة للعالِم نفسه"، عندما يستدعى ويقال له بأنك عالِم، فهو يتحمل المسؤولية من جديد، يستيقظ، يقول إنني إذن أستطيع أن أقدّم، فيتحفّز، ويتشجّع، ويعطي أكثر، ومن ناحية أخرى يعدّ ذلك "قدوة للشباب" والناشئة، إنها تحتاج لمن يقدم لها القدوة، خاصة في هذا الوقت الذي ازدادت فيه سَنْحة التشاؤم واليأس والقنوط، نحتاج إلى إعطاء أمل، نحتاج إلى بصيص من التفاؤل، لنقول لهم نحن لازلنا بخير، نعم هناك علماء للجزائر وهل يمكنكم أيها الأبناء أن تكونوا كذلك؟ نسأل الله لهم التوفيق وبارك الله في الجميع.

د. مصطفى وينتن: نحن في عيد العلم، عيد للعلم في الجزائر، هي مبادرة تبشّر بخير، لأنها تعني انطباع أملٍ للعاملين في الحقل العلمي، لذلك نشكر المؤسسة لأنها قامت بواجب رفعت به بعض الكلفة عن الأمة، وقدمت وجها مشرّفا لإظهار العلم والعلماء في الجزائر، ثم إعطاء طمأنة للجزائري أنّ له أيضا علماؤه، وأن هذه الأرض لن تتوقف عن إنتاج علماء ينفعون الوطن والبشرية جمعاء.
البروفيسور إبراهيم بحاز: هنيئا لنا هذا الوسام، وهو وسام تكليف لا وسام تشريف، فعلى الجماعة العلمية أن تضاعف الجهود لتنتج أكثر، وتبدع أكثر، وتذهب بعيدا، وهو تحفيز للشباب المتعلم في الجامعات، ليبدأ من الآن بتأسيس جماعات علمية، والتي ستصنع مجد الجزائر، ونؤكد بالمناسبة فنقول أنّ للجزائر علماءها.

الدكتور محمد ناصر بوحجام: أولا: هذا التكريم بالنسبة لجمعية التراث وفريق بحثها، يعتبر تشجيعا للبحث العلمي الممنهج، والمبني على الجماعة العلمية، ثانيا: هو تحميل مسؤوليّة وكذلك وضع عبء آخر على الجمعية، أن تستمر في الميدان، ثالثا: هذا التكريم يعدّ نقل تجربة لمن يريد أن يسير في الميدان، ثم رابعا: من خلال هذا التكريم نستطيع أن ننقل بعض ما هو موجود من تراث في الرفوف والخزائن، ولهذا نقول أن التكريم مهمّ  جدّا في هذا الوقت الذي عزّ فيه من يشجع العلماء.

الدكتور مصطفى باجو: حقيقةً المناسبة تعبّر عن نفسها ولا تحتاج إلى تعليق أو تعقيب، وإنّما أقول بأنّ نجاح هذا اليوم يعتبر بصمة جديدة في نجاحات مشاريع معهد المناهج والوسام، وموقع فييكوس. نت، في دعمهم للجانب المشرق للشعب الجزائري، الذي بنى حضارته بالعلم والقول والمعرفة والعمل، وبالإسهام بتغيير الواقع للأفضل، مع المحافظة على المبادئ، وهذا ما نراه مجسّدا في هذه المناسبة تكريما للعلم والعلماء العاملين الذين لم ينزووا خارج السرب، وشكرا لكم وبارك الله فيكم.

علماء الجزائر نجوم الوسام
وبدورهم لم يكن المكرمون في الطبعات السابقة غائبين عن المشهد، فقد أبوا إلّا أن يشاركونا اللحظة ويقدّموا لنا كلماتهم بالمناسبة:

الأستاذ محمد الهادي الحسني: لا يضر معهد المناهج ما فعل بعد هذا، فكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسيدنا عثمان (رضي الله عنه): "لا يضره ما فعل بعد هذا"، هذا دليل على أنّنا عندما نثق في أنفسنا، ننتج شيئا نوعيا، لا كميا، وندعو لأبنائنا وإخواننا في المؤسسة بالتوفيق، وبالاستمرار، وإلى لقاء في مناسبة أخرى إن شاء الله.

الدكتور سعيد بويزري: هذه لحظات غالية جدا شهدنا فيها تكريم عالِم من علماء الجزائر، وقامة من القامات العلميّة في علمٍ دقيق هو علم الرياضيات، نسأل الله أن يديم علينا هذه النعم، أن نفتخر بهؤلاء العلماء وبطلبة العلم، ونشجع هذه المؤسسة؛ مؤسسة الوسام التي اجتهدت في خدمة العلم أوّلا وفي تكريم العلماء، وفي تجميع عقول الجزائر العاملة، فالجزائر لها علماء، والشعار المعروف "نعم للجزائر علماؤها".

الدكتور عبد الرّزاق قسوم: انطباعي اليوم لا يمكن أن يكون إلا انطباع كل عاقل، كل وطنيّ، كل مسلم، كل باحث محب للعلم، لأنّ هذا المجلس ضم من كل شيء أحسنه، ضمّ الخيّرين الطيبين، والباحثين العلماء، والوطنيين المخلصين، وهذا كلّه إشادة بفضل العلم والعلماء، فمعهد المناهج ووسام العالِم، جاءا ليصححا لنا المفاهيم الخاطئة، ويقولا أنّ الإنسان لا بالجسم إنسان، وأن الإنسان بالعلم لا بالقدم أو الجسم، وهو ما تحقق اليوم.. نسأل الله تعالى أن يديم هذه النعم إن شاء الله.

الدكتور جمال ميموني: "حقيقة تكريم الدكتور جبار تشريف في محلّه، أحمد جبار من الرائدين للعلم في الجزائر الذي هو للأسف غير موجود ولا معروف، رغم أنّه ما يزال يتعامل مع الطلبة والباحثين فيها، لكنّه كعالم في ميدانه معترف به عالميًّا، صاحب فكر أصيل ومساهمات جبارة في ميدانه، طبعا هذا التشريف في مكانه، وهو أحسن اختيار أو حتى يمكن القول طال الاختيار منذ بداية الوسام..".

الشيخ عبد الرحمن بعموري: الحدث يدلّ على أنّ الجزائر لازالت بخير، حين تُكرِّم علماءها وترفع من شأنهم، وهذا يدلّ أيضا على أن ّ العالِم في الجزائر مرفوع شأنه، لكن مع هذا كلّه إذا رأينا إلى قيمة العلم، نرى أنفسنا بحاجة إلى ما هو أكثر، وبحاجة إلى العمل أكثر.

 

أصداء الحضور ومتابعي حفل الوسام: كلمات ومعاني بالمناسبة
لم تَخفَ عن الحضور، العلامات العميقة والدّالة، التي قد تركتها مرتسمة في وجوههم تلك اللحظات والدقائق الأخيرة من الحفل، فكانت لنا معهم وقفة يشاركوننا فيها تلك الانطباعات:

عمار بلحاج، أستاذ تعليم ثانوي: ليس لي سوى أن أقول وأصف تركي لدموعي داخل القاعة.. أسأل الله أن يديم عملكم ويبارك فيه، وشكرا على التنظيم المحكم للحفل.

مصصطفى بن عمر، صحفي في الإذاعة الوطنية: هذا الوسام هو عبارة عن تغيير للوجهة، وتحديد الوجهة الحقيقية التي يجب أن نتوجه إليها. لأنه لابد من تغيير الوجهة والقدوة نحو الوجهة الجديدة.. صحيح بأننا أعطينا كثيراً القيمة لأشياء تافهة، ولمّا لم نعطيها للمعرفة والعلم أصبحنا في طريق الضياع، وبالتالي فهي فرصة لتغيير الوجهة نحو العلم ومعرفة علمائنا، للوصول بالعالم الإسلامي نحو الرقي والنجاح.

وهيبة ستيفاني، صحفيّة بجريدة الشروق: أتأسف لكوني أضعت فرص الحضور في الطبعات الفارطة، لأنّ اللقاء كان جدّ ثري والمبادرة فريدة من نوعها في الجزائر، كصحفية استفدت من مداخلات العلماء وكان اختيار الأستاذ جبار جد موفق وحتى اختيار حقل الرياضيات، لتصحيح المفاهيم الخاطئة وزرع الأمل.

فاطمة بوهاني، أستاذة إعلام واتصال "جامعة الجزائر 3": فعلًا، هذا ما كنا ومازلنا نحتاج إليه، ما كنّا دائماً نصبو إليه وإلى تحقيقه في بلدنا الجزائر، والحمد لله قد حققته لنا مؤسسة وسام العالِم الجزائري ومعهد المناهج، في كل مرة تزرع فينا شحنة أمل. وفي كل طبعة تأتي لنا بوجه جديد، وتعرّفنا بالجديد. أشكر كل المساهمين في التظاهرة، ونتمنى أن يدعَّم هذا العمل من طرف المؤسسات العليا، لأنّ هذا ما نحتاجه في الجزائر.

محمد لعروسي حامدي، باحث سنة ثانية دكتوراه "علوم": إنّه أكبر منتدى علمي في الجزائر.. تحضره النخبة العلمية، وخيرة أبناء البلد وعصارتها.. فبخٍ بخٍ من لقاءٍ.. وبخٍ بخٍ من تكريم، خصوصا حين يكون المكرّم لا يزال حيًّا يُذكر، فشكرا جزيلا وتهانينا لمؤسسة وسام العالِم الجزائري.
معمّر درامشيّة، طبيب أسنان: ما عشناه جميل وبديع، وذو مستوى عالٍ، فبُعدًا لليأس وأهلًا بالأمل والآمال، وسحقًا للتشاؤم، وأهلًا بالتفاؤل.. بعد هذا الحفل الذي سيبقى ويبقى صداه يرنّ في آذاننا.
ليلى زيتوني، أستاذة جامعية "المدرسة العليا للأساتذة" - القبة: في الحقيقة حفل التكريم أثلج صدورنا للأسباب التالية: أولا معرفتنا بالأستاذ جبّار وتقديرنا لقيمته العلميّة والشّخصيّة، ثم اقتناعنا بأهميّة وجود "وسام" لتكريم العلم والعلماء، ومبادرتكم زرعت فينا الأمل في مستقبل أفضل لهذا الوطن، كما أنّ تنظيم الحفل كان بمستوى يليق بقيمة العلم وقيمة المكرمين.. في انتظار تكريم عالِمة جزائريّة...بوركتم وسدّد اللّه خطاكم.

محمد بلهادي، مدير مدرسة ابتدائية: انطباعي "ولا أروع" من حيث أنّ هذا اللّقاء قد جمَعَنا بعلماء الجزائر، بمختلف مجالات علمهم وثقافتهم، مداخلات المشاركين كانت بنّاءة وفعالة، أشكر المنظمين بامتياز.

صالح نور، أستاذ علوم إسلاميّة: من حيث المبدأ فهو جهد استراتيجي مبارك، أما من حيث فقرات الحفل فكانت مختارة بامتياز، وكأننا عشنا لحظات في جنّات النعيم، كلّ الشكر لكم وجزاكم الله خيرًا.

سعاد سرحان، صحفية بالقناة الأولى: لأوّل مرّة أحضر مثل هذا الحفل التكريمي، حفل يستحق المكرّم فيه أن يكرّم بالفعل، أنا منبهرة وسعيدة جدا، لأول مرّة منذ أن دخلت أحضر لقاء من البداية إلى النهاية، من ألِفه إلى يائه، لكوني استمتعت جدا بالجمع الكريم، وبالكلمات الطيّبة، لأنها فعلًا كانت صادقة وتصدر من أفواه العلماء، أسأل الله تعالى أن يوفقكم وأتمنى أن أرى امرأة عالِمة مكرّمة في المرات القادمة.

حماني محمد عبد الرؤوف، طالب جامعي: لي الشّرف الأعظم أن ترى عيني وتسمع أذني لهذه الطاقات البشرية أمثال الأستاذ الدكتور أحمد جبّارـ والتي ما قرعت كلماتهم عقل واعٍ إلّا ولجته، فأقلّ ما يمكننا فعله نحن كسامعين هو الاقتداء والامتثال لنصائحهم.

بالولي حسام الدّين، طالب جامعي: إنّ هذه التظاهرة العلمية الرائدة هي ثمرة مجهود جبّار، تقف وراءه عقول نيّرة مضيئة، واعية، لها أهداف سامية في سبيل إعادة الاعتبار لمصابيح الدُّجى، وشموس المعرفة، علماء الأمّة... بارك الله فيكم ووفقكم لما فيه خير العلم والعلماء.

محمد خضراوي، أستاذ جامعي: جزاكم الله كل خير على هذا العمل الذي تؤدونه بنية وتفان، ليس التكريم هو الهدف بل التعريف بعلمائنا وجهودهم ووجودهم هو ما يحتاجه مجتمعنا.. وهذا ما تقومون به من خلال هذا التكريم.

محمد بن بريكة، أستاذ في المدرسة الوطنية العليا متعددة التقنيات: أوّلا أشكر الشباب الذي شارك بتحضير التظاهرة والعلماء الذين توّجوا هذه التظاهرة، لا أريد ذكر أسماء فكلّهم ما جلب انتباهي طيبة الحضور وانتباه الشباب لأن كل شاب يبحث عن شخص قدوة، واليوم كان المجال للكل واسعا، حتى يختلط الأمر ولا يعرف أيقتدي بذاك أو ذاك لاتساع مجال الاختيار.

محمد زروقي، مستشار جامعي بريطانيا: إنّه لشرف كبير لنا الحضور في هذا الحفل الرباني لتكريم علماء الجزائر، شكرا لكم ودعاؤنا للقائمين على هذا العمل جزاكم الله خيرًا.

 

كلمة حول مؤسسة الوسام: المغزى والرسالة
يحدثنا الدكتور محمد باباعمي عن المكرّمين في هاته السّنة، وعن مؤسسة الوسام، وعن رسالتها بهذه المناسبة: "البروفيسور أحمد جبار، هو المكابدة بعينها، عاش فقيرا، واستطاع أن ينجح رغم فقره، وهذه مهمّة، كذلك له دكتوراه في الرياضيات ثمّ في تاريخ العلوم، يعني أن هذا الرّجل أراد أن يربطنا من خلال الرياضيات بجذورنا، التي هي هنا؛ أولا في المغرب ثم في الأندلس وفي الساحل، ويقول لنا "انتبهوا فهناك علماء، ولا تقولوا للناس ليس هناك علماء"، ويكفي أنّه يقول أن أكبر فيزيائي على مرّ كلّ العصور هو شخص مسلم، ولأننا نريد أن نكون مثل هؤلاء، كرّمناه لهذا الأمر وأيضا احتراما لتاريخ العلوم، ثمّ كذلك هذه السنة كُرّم فريق بحث، والمتمثّل في فريق البحث العلمي لجمعية التراث، لنقول للناس أن العلم هو تفكير جماعي، هو تداول، نقد وقبول نقد، وليس فرديّة. وهو ما نعرفه طبعا في مجالات أخرى مثل كرة القدم، فالفريق الجيّد الذي يلعب مع بعضه البعض ليس الذي يتكوّن من لاعبين لا يعرفون كيف يلعبون مع بعض.. وعندنا والحمد لله في هذا الوطن علماء كثيرون..

هدفنا أن نقول بأن نقاط الوحدة التي توحدنا كثيرة جدا، قد توجد بعض نقاط الاختلاف القليلة جدا، نتغلب عليها، وأقول في كلمة واحدة: طبعا نحن نعلم بأن سيدنا يونس عليه السلام وقعت عليه القرعة حتى يرمى في البحر، أقول بأن هذا الوطن سفينة، ليس فيها واحد إضافي، ولا نستطيع أن نرمي أحدا في البحر أو يرمينا أحد في البحر، كلّنا لهذا الوطن، حتى يكون سفينة تأخذنا إلى بر النجاة، والسلام عليكم ورحمة الله".

الأستاذ طه كوزي: مؤسسة وسام العالِم الجزائري هي مبادرة من بين الكثير من المبادرات العلمية في السياق الجزائري، كلّ آمالنا أن تكون لها ظلالها في الواقع. فهي لا تعتبر نفسها الوحيدة أو المنفردة في هذا الوطن، لكنها إسهام من بين الإسهامات الكثيرة، نهتمّ بالعالِم سواء كان من الشيبة أو الشباب، قد يكون متخصصا في الفيزياء، أو الكيمياء، أو الشريعة، أو الرياضيات، أو غيرها لأن العلم واحدٌ، لا يتجزّأ... فكلّ هذه المساهمة هي للقول بأنّ للجزائر علماءها، للجزائر هؤلاء الأعلام الذين يمثلون خارطة الطريق، المخرج في الأزمات، قد لا نلتفت إليهم، قد لا نعيرهم اهتماما، قد نمرّ عليهم في الشوارع باستعجال، ولكن هم موجودون، وهم صمام الأمان لهذا الوطن، فلهذا هاته الرسالة هي مجرّد إسهام.. وهاته المبادرة ليست مبادرة من أي جهة كانت، وإنما مبادرة من عمق هذا الشعب بكرامته وأصالته، بحب وطنه، هي هاته الرسالة بكل حب وإخلاص وكلّ شوق.